قولوا لي بربّكم من أيّ طينةٍ أنتم أهلَنا في غزّة الصّامدةِ المرابطة؟!

قولوا لي بربّكم من أيّ طينةٍ أنتم أهلَنا في غزّة الصّامدةِ المرابطة؟! ألستم بَشرا مثلَنا؟! ألم يركّب فيكم الله سبحانه ما ركَّب فينا من أعضاء تؤدّي الوظائفَ التي نحتاجُ؟! أم هل ميّزكم بما حرمَنا منه؟!

سأترك نونَ الجماعةِ (لعلّ فيها ضيّقَ صدرٍ وسيِّئَ فهمٍ ومدّعيَ كمالٍ وسليمَ سريرةٍ ومتينَ إيمانٍ ...) وأقول منفردًا: ما لي أنكسرُ كقطعةِ زجاجٍ هشّةٍ لأبسط مَصابٍ يطالُني وتَثبُتون شعبًا ومقاومةً كجبالٍ عاتيةٍ صَلدةٍ أمام ما لا عينَ رأتْ ولا أذُنَ سمعتْ من جرائم أسوإ محتلٍّ على مَرّ تاريخ البشريّة؟! ما لي أتشبّثُ بتلابيب دنيا فانيةٍ (نعتٌ شكليٌّ أجوفُ مقتبَس خالٍ عندي من كلّ معنًى) وتشرئبّون بأعناقكم، عفوًا بقلوبكم، نحو آخرةٍ باقيةٍ تبذلون من أجلها الغاليَ والنّفيسَ؟! كيف حصّلتم في غفلةٍ منّي هذا الإيمان الصّلبَ تُطفئون به نيران أفئدتكم المنكوبة في أبناءٍ وآباءٍ وأزواجٍ وزوجاتٍ وأمّهاتٍ وأعمامٍ وعمّاتٍ وأخوالٍ وخالاتٍ بصبرٍ وتصبّرٍ واصطبارٍ وسريعِ استرجاعٍ يَحضرُكم للتّوِّ فيُنزّل في دواخلكم بَردًا وسلامًا يذكّراني بنبيّ الله إبراهيم عليه السّلامُ وقد وهبَه الخالقُ جلّ في عُلاه ما لم ينتظرْ مَن أوقدوا محرقتَه وألقوْه فيها؟!

ما أشدّ حقارتي وأنا أشاهد طبيبًا يرفض مغادرةَ مَشفاهُ حتّى يُدكّ فوق رأسه فيرتقيَ قبل مرضاه شهيدًا!

ما أشدّ حقارتي وأنا أرى وأسمع آلاء النّجّار تودّع صبيتَها التّسعةَ ثمّ زوجَها الطّبيبَ بروحٍ تهتزّ فرحًا للقاءٍ بين يديْ خالقٍ كريمٍ، ثمّ تُواصل رسالتَها المهنيّة كأنّ شيئا لم يكنْ !

ما أشدّ حقارتي وأنا أرى شبابًا حفاةً يخرجون من تحت أرض سوّتْ بها ما كان يعلوها من بناءات أطنانُ قنابلِ العدوّ الغاشمِ القادمة من غربِ "الحضارة الرّاقية" ليُذيقوا جيش "الكرتون" بتكتيكاتٍ عجيبةٍ وعزيمةٍ لا تلينُ ويْلاتٍ يتكتّم عليها عدوُّهم كي يحفظ ما بقيَ من ماءِ وجهه الصّفيقِ ويسترَ بها ما ظلّ مخفيّا من عوْرته المنكشِفة بعد عقود!

ما أشدّ حقارتي وأنا أسمعُ صبيًّا يتحدّث إلى وسائل الإعلام وقد مسّ التّقتيلُ الممنهَجُ أسرتَه كلََّها أو بعضَها بلسانٍ عربيّ فصيحٍ ونصرٍ من اللّه ولله محيِّرٍ لا تكاد تجده سوى في تلك البقعة الاستثنائيّة بكلّ المقاييس !

ما أشدّ حقارتي وأنا أكتب هذه السّطورَ مستعجلا الذّهابَ إلى مقهايَ أقتل فيه وقتًا على نخْب قهوةٍ سوداء تشتدّ برودتُها كلّما مرّ زمنُ الجلسة المتفكِّهةِ الضّاحكةِ مِلءَ الأشداقِ!

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات