الرابطة التونسية لحقوق الإنسان افتتحت اليوم "المؤتمر الوطني للحقوق والحريات. من أجل جمهورية ديمقراطية عادلة". استدعت فقط من تراهم هي "تقدّميين ومؤمنين بالدولة المدنية وبحقوق الإنسان وقيم الجمهورية"، وآستثنت من تعتبرهم ضمنيا رجعيين يؤمنون بالدولة الدينية ولا يؤمنون بحقوق الإنسان وبقيم الجمهورية. فلم تستدعِ مثلا نجيب الشابي وهو من هو في تاريخ العمل السياسي/الحقوقي على امتداد خمسة عقود من تاريخ تونس الحديث. لم تستدعه لمجرد أنه منخرط في جبهة سياسية تضم حركة النهضة.
تعليقي:
مؤتمر الحوار الذي افتتحته الرابطة هو مؤتمر "لا حوار.. لا وذني". هو مجرد لغو وفضفضة بين جزء من النخبة السياسية التونسية التي تعيش خارج التاريخ الواقعي. هو مؤتمر "الطير اللي يغني وجناحه يرد عليه". لذلك لن تعبأ السلطة بهذا المؤتمر، بل هي سعيدة به، رغم حدة ما صرّح به بعض المتدخلين عن "تشكل نظام سلطوي استبدادي" في تونس، لأنه صادر عن قوى مغتربة عن التاريخ.
طبعا هي سعيدة به "تكتيكيا" فقط ما دام يعيد إنتاج صراعات الثمانينات الهوياتية السخيفة، أما إن نجح في تعبئة "جبهة التقدميين"، كأن ينخرط في هذه الجبهة اتحاد الشغل( إن نجا من التفكك قبل مؤتمره الموعود)، فالسلطة ستدفع نحو تحريك أذرعتها داخل الرابطة والاتحاد بشكل أعنف وصولا إلى حلّهما ربما.
لذلك، مؤسف أن يظل جزء مهم (نعم مهمّ بمقاييس كثيرة) من نخبنا التونسية عالقا في "وعي الثمانينات" التبسيطي السخيف.
إنهم يفسدون على أنفسهم وعلينا وعلى الأجيال القادمة حين يزيفون حقيقة المعركة الحالية. المعركة الآن بين المؤمنين بدولة القانون/العقل السياسي المجرد الضامن للحقوق والحريات، والمؤمنين بدولة اللاقانون واللاعقل. عدا ذلك طحن للهواء.. وريق بارد.
ملحق1: نائبة رئيس الرابطة، نجاة زموري، التي تحدثت إلى الصحافة لتوضيح سبب استبعاد النهضة نموذج يعبّر بشكل مثالي عن الضحالة الشاملة لهذه النخبة: ما فارزة شي مسكينة. لا سياسة لا عبارة.
ملحق2: رفضي للإقصاء لا يعني أنني مع استعادة خارطة السياسة كما كانت قبل 25. ففضلا عن أن تحولات كثيرة حدثت داخل مكونات المشهد القديم، فقد كانت خارطة مسخرة فعلا.
وتبا.