إلى مناوئي "طوفان الأقصى" من عربِ التّسليم بالأمر الواقع، عربِ "وفي الهيْجاء ما جرّبتُ نفسي** ولكنّني في الهزيمة كالغزال"، عربِ الخوف المستطير من إبرة حقنة ممرّض أو ممرّضة:
صحيحٌ أنّ الشّعب الفلسطينيّ دفع ضريبة باهظة بعد هذا الحدث البطوليّ الذي فاجأ القريب والبعيد، والذي أكّد مبرمجوه ورفاق دربهم في مسيرة كفاح طويلة معجونة بطين الصّبر التّصبّر والاصطبار بفعل صمتكم شعوبا وحكومات بل ودعمٍ مفضوح وغير مفضوح من بعضكم لزُمرة بني صهيون المغتصِبة المتغوِّطة في العراء على جميع المواثيق الدّوليّة أنّ من بين أهدافه إخراجَ قضيّة هذا الشّعب الملهِم المعلًِم من رفوف النّسيان…
لا يجحد ما حصل بعد هذا الحدث الذي هاجمتموه أصحابَ لحيٍّ أدعياءَ دينٍ وتديّنٍ وأربابَ ربطاتِ عنُقٍ أنيقة ثقفوتَ بؤسٍ فكريّ مستدام.
لقد زلزل مُسمّاكم "إسرائيل" في الدّاخل زلزالا سياسيّا واجتماعيّا واقتصاديّا وعسكريّا غير مسبوق منذ النّكبة حاولتْ حكومة السّير بلا دليلٍ الصّهيونيّة المقيتة أن تُغطّيَه وتطمسه بكلّ الوسائل بيْد أنّها لم تُفلح. كما أنهض ملايين الأحرار في العالم من غفوتهم طُلّابَ جامعات ومدرّسين ومواطنين عاديّين وساسةً فراحوا ينتصرون لشعبٍ أبيٍّ عصيٍّ ويشهّرون بكيان لقيط خانته ذراعُه في معركة الشّرف مع المقاومين الأشاوس الذين راحوا يطوّرون تكتيكاتهم في مواجهة بَطِّه البشريّ المزوَّد بأحدث الأسلحة والبرامج الالكترونيّة الأمريكيّة والبريطانيّة والألمانيّة وغيرها…
إسرائيلكم تسير إلى عزلة عالميّة لم يسبق له مثيل على وجه الأرض بانكشاف حيوانيّتها وتجاوزها لمواثيق المنظّمات الدّوليّة. وحتّى لا أُثقٌل على عقول العصافير عندكم آخذكم إلى حدثيْن جديديْن لا غير:
- إطلاق النّار على عشرات السّفراء في جنين ثمّ الإسراع إلى كذبة الصّغار القائلة بعدم تبيّن جنودها لصفاتهم (اعتادوا ضرب كلّ جسم متحرّك) رغم أكثر من عشرين مركبة دبلوماسيّة حديثة، وكاميرات تصوير، وأجانب بعيون زرقاء وشعر أشقر، وأصحاب بدل رسميّة وتنسيق الزّيارة مع الجيش الصّهيونيّ بشكل مسبق…
- قتل موظّفيْن سامييْن في سفارة الكيان في مربّيته أمريكا من قِبل شابّ أمريكيّ مكث ينتظر بدم بارد قدوم الشّرطة للقبض عليه صائحا عند اقتياده "تحيا فلسطين"…
قد تنهض فيكم "الإنسانيّة" المعهودة التي عُرفتم بها وعُرفت بكم فتشمتوا في السّفراء وما لقوْه من موقف مخزٍ لا نظير له في تاريخ البشريّة منذ بدائيّتها، وتحزنوا لموت موظّفيْ السّفارة. حينها أقول لكم : واصلوا المشي على رؤوسكم، فلذلك خُلقتُم، وعلى ذلك جُبلتُم، ولا ينفع العقّار في ما أفسده الدّهرُ…
سأهمس في أرْجُلكم بما خلّف الشّاعر العربيّ القديم أيّها الجاهلون بالشّرَف:
لا يسلم الشّرف الرّفيع من الأذى** حتّى يُراقَ على جوانبه الدّمُ.