هل المشاركة في الانتخابات الرئاسية تزكية للانقلاب؟

هل المشاركة في الانتخابات الرئاسية المتوقّعة، ترشيحا و/أو انتخابا، تزكية للانقلاب، وتمكين له من شرعية انتخابية ديمقراطية هي كل ما ينقصه ليستقرّ ويتجذّر؟

أم أنها اقتناص ضروري واضطراري للفرصة الوحيدة والأقل كلفة مجتمعيا لاستعادة الديمقراطية وإنهاء حالة اللاشرعية التي بصدد التحول إلى دكتاتورية فردية شعبوية عنيفة ومدمّرة للبلاد؟

مباشرة أقول أنني مع الخيار الثاني ومن دون تحفّظ. لماذا؟

نحن إزاء حالة سياسية "مسخ". حالة غير سوية بكل المعاني. بحيث نجد كل مكوّنات الديمقراطية: دستور وانتخابات وبرلمان الخ…، ولكنها مفرغة كلها من الحد الأدنى من معاني الديمقراطية. حتى الذين يوجدون داخل هذه الأطر يدركون أنهم يشاركون في "ديمقراطية ممسوخة".

لذلك أجزم أن "الجميع" يبحث عن مخرج من حالة المسخ إلى حالة شبه طبيعية. والجميع يدرك أن المخرج المثالي المطابق جوهريا لحالة السياسة=العقل=الديمقراطية غير ممكنة في سياق تونسي تعرّضت فيه الديمقراطية إلى خذلان جبان من مدّعيها الحمقى خلال عشرية انتقال أعمتهم فيها أمراضهم وصبيانياتهم عن المخاطر المحدقة بها، وإلى ترذيل ممنهج ذكي من أعدائها المجرمين الكثر.

يعني أن المعارضات السياسية المعنية بمستقبل البلاد مضطرّة إلى التعاطي المرحلي واللاعقلاني مع حالة المسخ الحالية.

نعم مجرد استمرار الشعبوية الرثة في المنافسة على الحكم ترذيل للسياسة. ومجرد تجرّؤ بقايا الدكتاتورية البنعلية المافيوزية على تقديم نفسها بديلا سياسيا مستقبليا ترذيل للسياسة. ومجرّد ارتماء بعض المختلّين نفسيا أو الباحثين عن مجد شخصي في السباق الرئاسي ترذيل للسياسة، ولكن مواجهة الواقع بشجاعة ومسؤولية تقتضي التعامل مع "حقيقة تونسية" محزنة ومؤلمة فعلا.

المحزن أكثر في السياق التونسي الحالي هو أننا لا نتوفر على بدائل كثيرة تعيدنا إلى عتبة السياسة. أستطيع أن أقترح بعض الأسماء التي تستطيع في تقديري إحداث الاختراق الضروري وسط هذا المشهد "المسخ"، ولكنني أدرك أن طبيعة الصراعات، وتباعد الرهانات، وتجذّر العداوات، وغلبة الضحالة، داخل كل (أقول جيدا كل) أجسام المعارضة، تُفقد مقترحي أي جدوى.

يعني لم يبق لنا إلا أن نراهن على معجزة.

تبا.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات