بورتريه اَني للمثقف العربي المخترق معرفيا وسياسيا من قبل الصهيونية و، من باب الاحتياط، .. وصيّة :

اولا - بورتريه :

هذا المثقف هو غالبا ليبرالوي (فالليبيرالية الوطنية والتحررية نفسها منه براء) أو يساروي (واليسار الوطني و التحرري منه براء ) .

هذا الصنف ،

1- تقول له : القوميون العرب ليسوا كلهم رجعيين و شوفينيين كما تقول بل منهم من هو اشتراكي اصلا ، من صنف خاص هو الإشتراكية العربية ، وهم بعيوبهم تقدميون عموما بسبب ظروف الوطن العربي الفارضة للمسالة القومية و هي الظروف المختصرة في الاستعمار والتبعية والتجزئة والتخلف والاستغلال مما يجعل الوحدة العربية حلما مشروعا .. فلا يستمع اليك..باسم الانسانية..ولكنه يتفاخر ،اول من يتفاخر..بالوحدة الأوروبية.

2- تقول له : الإسلاميون العرب ليسوا كلهم خونة ورجعيين بل منهم من هو مقاوم ومنهم من هو إصلاحي ومنهم حتى من هم إسلاميون تقدميون ، على طريقتهم ،وهم ،بعيوبهم، وطنيون محافظون عموما بسبب ظروف العالم الإسلامي الذي يعاني تحديدا من الحداثة الاستعمارية و الحداثة التابعة والتي تدمر في طريقها نسيج الثقافة أيضا بوصفها امبريالية ثقافية تحديدا مما يتطلب تثمين كل شكل مقاومة ثقافي بما فيه المقاومة الروحية ..فلا يستمع اليك ..باسم العلمانية..ولكنه يبدع في التذيل لمن يستند من الغربيين إلى الثقافة اليهو- مسيحية واليونانو - رومانية.

3- تقول له : الشعبويون العرب،بعيوبهم، ليسوا كلهم عملاء و فاشيين ويمينيين متطرفين ومحافظين متطرفين، فالشعبوية عموما يمينية ووسطيية ويسارية ، وهي عربيا ناتجة عن فشل من يدعي 'الشعبية' من الحركات السياسية التقليدية، وقد تكون لها طبيعة وطنية إصلاحية وحتى تقدمية يجب استغلال طاقاتها الرفضية للهيمنة الليبرالية الرأسمالية ..فلا يستمع اليك ويكرر، وهو يرى المجازر في فلسطين، كليشيهات الديمقراطية الاستعمارية التي لم تعد ترقى حتى إلى سابق صفتها الشكلية.

4 - تقول له : الليبراليون واليساريون الوطنيون العرب أنفسهم ،بعيوبهم، لا يجب ان يكتفوا بإعلان مبادىء العقلانية -الاداتية -والانسنية -الليبيرالية- 'الكونيتين' بل يجب أن ينقدوا ذلك ويدافعوا في نفس الوقت عن الجانبين القومي المقاوم سياسيا و الثقافي المستنير فكريا في ثقافتهم القومية والدينية وكذلك عن حقوق شعبهم العربي السياسية والاقتصادية والاجتماعية القومية ، لأنه لا نهضة دون هوية فيتهمك مباشرة بالهووية ..ولا يستمع اليك ..باسم كل ما هو ليبيرالي تابع ولقيط في الكونية .

…ولكن…

5 - جرب ان تقول له : الصهاينة كلهم استعماريون استيطانيون وان تقاسموا الادوار الوظيفية وسيقول لك:

لا ، بل منهم اقصى اليمين واليمين المتطرف التقليدي واليمين الليبيرالي والوسط ويسارالوسط واليسار واقصى اليسار ، وعندهم حركات واحزاب عمالية وحركات سلام وغيرها من الحركات المدنية وعندهم مثقفين عقلانيين منشقين ، وليسوا كلهم عسكريين بل منهم مدنيون ( وهو يقصد المستوطنين الذين يعرف انهم مسلحين بصورة - هي حتى في تاريخ الاستعمارات الاستيطانية - استثنائية ) تصبح اية إصابة لهم - ولو على وجه الخطا- من الحركة الوطنية معادلة عنده لإرهاب الحركة والدولة الصهيونية .وقد يردد كالببغاء حتى اتهامك بإضمار معاداة السامية أو يكون اذكى قليلا فيتهمك ،فحسب، بمعاداة اليهودية بينما يغلف هو صهيونيته السياسية باستثمار خشبية لغة تسامح التماسيح الاستعمارية الدينية والعلمانية .

هذا المثقف العربي 'يبدع' معرفيا و منهجيا و 'يبدع' سياسيا وتكتيكيا عند تبرير 'التعقل' في مقاربة الحركة الصهيونية و 'التكتيك' مع شقوق منها او مع من يسندونها في الغرب او يطبعون معها في الشرق باسم 'العقلانية' المنهجية و'الحكمة' السياسية. ولكنه ،فكريا، يعامل الحركات القومية والإسلامية والشعبوية والليبيرالية واليسارية العربية ،الوطنية ، بمنهجية جوهرانية ثقافوية ، ويعاملها سياسيا بحداثوية تابعة و اجتثاثية لا علاقة لها بالديمقراطية التي يزعم بل بوصفه ممثلا فكريا وسياسيا للمركزية الاوربية الاستعمارية .

انه ،موضوعيا ،" كومبرادور ثقافي" ارتبط تاريخيا،خاصة، بالاشتراكية الديمقراطية الأوربية ممثلة في حزب العمال الانجليزي والحزب الاشتراكي الفرنسي والحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني. وهو ، ذاتيا، ينتهي الى لعب دور 'كلب حراسة ثقافي ' للأنظمة العربية الأكثر استبدادا و /او الاشد تبعية وتطبيعية.

وقد يذهب به الامر حتى إلى تبرير معاملة بعض المذكورين اعلاه من شركائه في الوطن من ابناء شعبه وكأنهم هم المستوطنون وليس الصهاينة ؛ وكأنهم هم اول من يجب تنظيف الأرض الوطنية منهم لبناء صنم دولته 'العقلانية' و'الحداثية' الذي هو ، على قول م.درويش .." تمثال حرّية ..لا يَردُّ التّحية !'.

ثانيا : وصيّة:

عن ماركس من قبره ..من باب الاحتياط : رسالة إلى المقاومة الفلسطينية وانصارها في الأوطان والمنافي والمهاجر العربية:

بعد هزيمة كومونة باريس الفرنسية سنة 1871 ،والذي لا سمح الله والتاريخ قد يحدث مثله في غزة الفلسطينية فيكرر مثقفنا العربي الموصوف أعلاه نفس المناحة السلموية ، ظهر في صفوف الكومونيين من قال: " لم يكن ينبغي حمل السلاح" في إشارة إلى ما اعتبروه خطأ الكومونة الاساسي من وجهة نظرهم السياسية .ولكن ماركس رد عليهم قائلا :

" بل بالعكس، كان يجب حمل المزيد منه " لتحقيق الانتصار في المعركة الثورية.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات