هل يمكن أن تقرّب المعركة الدائرة في فلسطين الآن بين تيارات السياسة في تونس. ولو قليلا؟

بعد التحية والإجلال لمن يستمرون حتى اللحظة في الإصرار على فرض معادلة الحق ومعاندة العالم المنحاز للمحتل والمعترف بكيان غير شرعي مغتصب لأرضهم، وبعد الاعتذار من دمائهم التي تسيل الآن.. مضطر للعودة إلى شأن تونسي رث وتافه وبائس.. وموجع.. لأسأل:

هل يمكن أن تقرّب المعركة الدائرة في فلسطين الآن بين تيارات السياسة في تونس. ولو قليلا؟

إجابتي باختصار: مستحيل طبعا.

السؤال الأهم هو لماذا ؟

إجابتي: في المطلق، تتحرك الأفكار وتنمو وتتطور وتتكامل عند الفرد أو الجماعات والأحزاب والشعوب حين يتوفر شرط حيوي ضروري هو القدرة على التفكير. والتفكير يقين بأن فكرتنا الخاصة ناقصة حتما، وأن فكرة غيرنا لا تخلو من بعض الوجاهة، وأن فكرتنا وفكرة غيرنا لم تكونا لتنشآ أصلا لولا أنهما عقلانيتان بوجه ما.. وأن تكلفة نفي الفكرة المقابلة فادحة جدا، فقد تنجح في اجتثاث فكرة غيرك نعم، ولكن فكرتك المنتصرة ستحمل في وجهها دائما آثار دماء الفكرة التي تتوهم أنك اجتثثتها.. وأن تلك الدماء ستتخلّق أغوالا تضطرك إلى مضاعفة توحشتك الذي سيطالبك دائما بإشباع جوعه للدماء.

نقيض ذلك.. هو أن تتواضع إلى حقيقة بسيطة: فكرتك صحيحة لأنها مشروعة بوجه ما.. لكنها ناقصة لا محالة حتى لو كانت سليلة عقيدة دينية أو نظرية علمية أو فلسفة عظيمة نصيبك منها تأويلك الخاص وفهمك المحدود. وهي تنمو وتتكامل حين تغتذي بمجاورة أفكار أخرى كثيرة مشروعة أيضا.

فقط عليك أن تتذكر، إنك إن لم تفتح لفكرتك نوافذ الهواء لتتنفس وتتغير، ستصبح فكرتك.. وأنت معها طبعا.. مسخرة. ولكنها مسخرة قاتلة. كالتي نحن فيها.

تبا.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات