الاستشارة الوطنية لإصلاح التعليم... الجريمة الكاملة.

النظام الحالي مصرّ على الاستمرار في مسار الدروشة والتبهليل وإهانة أبجديات العقل والدوس على الجميع.

مسار بدأ باستشارة الكترونية مسخرة حول النظام السياسي والأولويات الاقتصادية سأل فيها الناس أسئلة عابثة من قبيل "هل تفضّل النظام الرئاسي على البرلماني؟".. ومن قبيل "هل تفضل بناء مصنع بالونات أم مصنع كمبيوترات في جهتك؟"، ثم ألقى بها كلها في المزبلة، بعد أن أنفق عليها من المال العام، ليقوم بكتابة دستور بائس يشرّع لنظام فردي تسلطي لا دور فيه لا للبرلمان ولا للحكومة خارج إرادة شخص الرئيس.

وها أن هذا النظام الشعبوي الذي يراهن على الغوغاء يتجه إلى معالجة موضوع استراتيجي بنفس الطريقة المستهترة. المدرسة هي مصنع الكينونة الفردية والجماعية. والتجرّؤ على التعامل معها باستهتار واستسهال وجهل جريمة عابرة للأجيال.

لا يمكن أن نأخذ رأي مليونَي أميّ في البرنامج الذي سنصنع به المواطن طفلا وشابا وكهلا. بل لا يمكن أن نأخذ برأي المعلم والأستاذ في استراتيجيات التعليم لأن تكوينهم مرتبط بمادة فقط والحال أن واضع المخطط التعليمي يجب أن يمتلك معرفة فلسفية حول العلاقة بين مختلف فروع المعرفة. يعني ببساطة المفكرون والفلاسفة فقط يبدعون استراتيجيات التعلّم. ممكن طبعا في مرحلة التنفيذ أن نسترشد بكل الاختصاصات الفنية والإدارية المتصلة بالمدرسة، أما البرامج والمعارف والتوقيت والعطل فهي كلها من مهام عصارة مفكري المجتمع.

طبعا مساحة الاختلاف وحتى الانقسام حول أهداف المدرسة والمحتوى المعرفي للبرامج ستظل قائمة مهما حاولنا تقليصها، لأن مجتمعنا يعاني أعطابا تاريخية عميقة لا يمكن معالجتها في المدى القريب، والديمقراطية الحزبية الليبرالية وحدها الأنسب للمساعدة على تقليص هذه المساحة الانقسامية، فهي وحدها القادرة على توسيع النقاش المجتمعي حول تصوّر جديد للمدرسة، كما حدث خلال نقاش دستور 2014.

عدا ذلك جريمة شعبوية بائسة ورثّة وجاهلة.

تبا.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات