موز المافيا، وموز الشعبوية، وبهامة المجتمع

تعترضني تدوينات لأصحاب "رأي" ينتمون على ما يبدو لفئة بشرية قارية برشا... يسبون تقريبا المواطن الذي مات بسبب حكاية منطلقها الموز.

طبعا لن أخوض في تفاصيل حكاية المواطن رحمه الله، لأنني أعرف أن الحكاية الأصلية تضيع فيها الحقيقة حتما في دولة التعتيم الممنهج ومجتمع يجد متعة في إكمال ما ينقص القصص التي يتناقلها من خياله المريض باليقين الكاذب.

لذلك لست أثق في أي رواية رسمية أو شعبية لما حدث، خاصة في غياب مؤسسات صحفية راسخة في مجتمع تائه.

من كل القصة يعنيني أن الموز هو "سلعة المافيا" على امتداد عقود طويلة في تونس. مع بن علي كان توريده اختصاصَ مافيا العائلة الفاسدة ومحظيّيها من العصابات الوكيلة. هو مادة الإثراء السهل للموردين والإفساد الشامل لأجهزة الدولة في كل مستوياتها من الحدود إلى المراقبة إلى تجارة الجملة والتفصيل الخ...

لم يتغير الأمر طبعا بعد بن علي. فالثورة انشغلت بجدل السياسة وهراء الهوية عن شرايين الاقتصاد.. أي المال والغذاء.

الآن أيضا تحتكر تلك المافيات كل دورة المال.. والموز من عناوين تلك الدورة. ورغم أن الشعبوية البلهاء استعملت ملف الموز لتوهم أنها استعادت السيطرة على "سوق الموز" حين سعّرته، فالجميع يعرف أن لوبيات المال والتجارة تواصل توظيف أجهزة الدولة في ماكينتها بكامل الطمأنينة والأمان.

والتونسي المثالي، فدوره الطبيعي، القديم الجديد، هو مواصلة التدافع في طوابير وحضب الذل والرخص أمام المغازات والنصب لساعات طويلة، ليضمن بكامل البهامة تواصل هيمنة مافيا المال على مصيره.

تبا.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات