في "خلع دبو" الإعلام العمومي: لماذا لست متفائلا؟

الزيارة "المفاجئة جدا" للسيد الرئيس إلى مقر جريدتي لابراس والصحافة المملوكتين للدولة بدت لي أنموذجا للزيارات الخاطئة إلى دبو البطاطا ومصنع الحديد، من الآخر: ماذا كانت النتائج؟ فقدان تخزين المنتوجات الفلاحية وتضاعف أسعار حديد البناء،

باهي: أنا قضيت 24 عاما في "محرقة الجدوى" والفعالية والاستنزاف البشري مقابل الأجر الأدنى في الإعلام الخاص، ثم انتقلت إلى الإعلام العمومي في إذاعة تونس الثقافية التي أتشرف بالانتماء إليها منذ 2014 إلى اليوم وإلى 2027 إن أسعفني الجسد الذي بدأت أدفع فواتيره في تضحيات الشباب بضغوطات المهنة القاتلة حيث تبدو الحياة المهنية اليوم أكثر هدوءا وسلاما من الحياة نفسها وحيث تبدو لي زيارة السيد الرئيس إلى جريدة لابراس تماما مثل خلع دبو البطاطا لمحاربة طواحين الاحتكار،

هل عندك سيدي الرئيس كيمياء سرية لتحويل مبيعات جريدة الصحافة إلى 30 أو 40 ألف نسخة أو زائريها إلى نصف مليون زائر يوميا؟ هل عندك تقييم مهني صناعي لمحتواها وانتداباتها وتخطيط عملها؟ وهذا ينطبق طبعا على "من يفعل ماذا" في دار الصباح الحزينة والإذاعات العمومية والقنوات التلفزية بما فيها تلك المنسية التي اسمها القناة التربوية،

توه أنا، بعد 34 عاما من المهنة منها 28 عاما من العمل الميداني، من المستحيل أن تقول لي إن السيد الرئيس قد أخذ معه شخصا يعرف أسرار مهنة الصحافة ومصاعب مؤسساتها دون أن أعرفه، بقطع النظر عن أي تقييم مهني أو أخلاقي، من هو؟ من هم؟ أي معنى يمكن إعطاؤه لزيارة السيد الرئيس دون خبراء؟ غير خلع دبو البطاطا؟

وبقطع النظر عن رد المجاملة من "قادة المؤسسة" للسيد الرئيس بإعادة نشر مقاله في جريدة الصحافة والاحتفاء برمزية زيارته، فإنه لا أحد يعرف ما إذا كان السيد الرئيس يعرف شيئا عن الأسباب التي تمنع الإعلام العمومي من القيام بدوره مقابل الأموال الطائلة التي يأكلها وعن القوانين التي تنظمه، وعما إذا كان يرافقه من يفهم في مشاكله وعن الكم الهائل من الدراسات التي أجريت على أسباب تعثر الإعلام العمومي.

باهي، أنا أعرفها كلها الآن وأراها وأعانيها، لكن لا أحد سألني عن رأيي ولا حتى يتهم به، الذي يفترض أن لا أعبر عنه خارج الطرق البيروقراطية بالمراسلات الإدارية بالقانون المنظم للوظيفة العمومية منذ 1982 ولم أعد مهتما بالتعبير عنه. مرة، في 2015، قلت لزميل أصبح وقتها مسؤولا في التلفزة الوطنية: "تعرف؟ أستطيع أن أجعل الإذاعة الثقافية في المرتبة الثانية أو الثالثة على الأقصى؟"، قال لي بهمس: "تعرف صاحبي؟ ضم فمك، شد بلاصتك وكول خبزتك مسارقة، دبر راسك ووسع مداخيلك حيث تعرف، بره اكتب كتاب، انتج فيلم، ارقص كان لزم وفك عليك من الدعوى متاع نعرف الصحافة وأول المراتب"،

لا علاقة لهذا بخلع دبو البطاطا طبعا، إلا في عدم فهم السيد الرئيس لشيء من الصحافة أو البطاطا، ولا حتى صناعة الحديد، "والله غالب على أمره لكن أكثر الناس لا يعلمون"، وسيمضي في هذا الأمر إلى آخره وإلى آخرنا على رأي الشاعر محمود درويش.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات