بالفلاڤي…

ما وصلنا إليه من انقلاب (قلت منذ اليوم الأول أنه سيترسّخ ولن يتم السماح بسقوطه) ومهزلة وارتداد درامي عن كل مكاسب الحركة الديمقراطية والحقوقية التي انطلقت منذ السبعينات.. هو أساسا نتيجة أمراض وعقد و"بهامة" متجذرة في ADN كل عائلات السياسة في تونس :

اتحاد الشغل ساند الانقلاب منذ اللحظة الأولى بل وحرّض عليه، لأن قيادته المؤدلجة "حد الصطوكو" تحكمها فكرة وحيدة: الانقلاب سيخلّصهم من النهضة.. ثم يسلّم لهم الحكم، وإن لم يسلم لهم الحكم بإرادته سيفرضون عليه ذلك لأنهم "أكبر قوة في البلاد". هذه البهامة منعتهم من فهم حقيقة الانقلاب.

الموقف العام لأحزاب التيار والشعب والوطد من الانقلاب حكمته نفس الخلفية.. مع اختلافات جزئية فيما بينها وداخلها. ما دام الانقلاب سيخرج النهضة من الحكم سيكون الوضع أفضل مهما ساء.

الأخطر من هذه الحسابات الغبية هو حساب آخر ثاوٍ خلف هذا الموقف الانتهازي الغبي، وهو مراهنة "ضمنية" لجزء كبير من هؤلاء على موقف إقليمي معلن (سعودي وإماراتي) ودولي استراتيجي، ليس فرنسيا فقط كما يتردد، يعرفون أنه قرر التخلص من الإسلام السياسي (بعد أن استدرجه للحكم لتوريطه في ملفات يستحيل حلها في السياقات الدولية الحالية.. لتهرئته والتخلص منه).

بعض هؤلاء يدرك أن الغرب معاد للديمقراطية العربية جوهريا، وأنه لا يثق في الإسلاميين لأنهم في آخر الأمر "نقيض حضاري" له، ويغالطون أنفسهم بكذبة أن الإسلاميين عملاء للاستعمال وصنيعة له.

الاستعمار يوظف الجميع للأسف. وقد وظف الإسلاميين بذكاء رغم أنه/أو لأنه يعرف أنهم خصوم استراتيجيون له.

النهضة أيضا محكومة بنفس ال ADN. فهي التي هيّأت كل الشروط الموضوعية للانقلاب. وزعيمها أساسا هو الذي سرّع نهاية الديمقراطية منذ أصر على التموقع في قلبها بالترشح لرئاسة البرلمان مراهنا على تطمينات سياسية قطرية وتركية. ليكتشف لاحقا أن ذاك المنصب لم يكن إلا "تفاحة الفتنة" التي ستحشّد ضده الجميع(حقا وباطلا طبعا) من داخل حركته وخارجها.

الغنوشي نسي في نشوة الموقع حقيقة الموقف الغربي من الإسلاميين. والجميع يتذكر أنه هو نفسه من ذهب إلى إخوان مصر ونصحهم بعدم الترشح للرئاسة. ثم يسقط هو نفسه في نفس الخطأ الذي رأى نتائجه التراجيدية.

ما فعله اتحاد الشغل والغنوشي، وما بينهما من أحزاب وأسماء، بالديمقراطية المغدورة.. جريمة. هل هي جريمة قابلة للمعالجة؟

بكل صدق.. بنفس هذه الوجوه مستحيل.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات