النقابات الأمنية.. الصندوق الأسود :

خلال عشر سنوات اتهم "أنصار الثورة" النقابات الأمنية بأنها أداة من أدوات الثورة المضادة. لكننا نتذكر كيف أضربت زمن الباجي قائد السبسي (فيفري 2016) واعتصمت أمام قصر الرئاسة والحكومة (حبيب الصيد وزير الداخلية الأسبق) متحدية قانونها التأسيسي الذي مكنها منه الباجي نفسه.

اليوم أيضا، بعد انقلاب غامض صمتت خلاله النقابات الأمنية، بما أعطى انطباعا للبعض أن للنقابات دورا ما فيه، تحدث مواجهة بين سعيّد ووزير داخليته ونقابات الأمن.

بدأ الأمر حين طالب سعيد النقابات الأمنية بالتوحّد في نقابة واحدة فأجابته برفض حادّ واعتبرت الدعوة خطوة نحو تدجينها. واليوم يصعّد وزير داخلية سعيّد اللهجة تجاه النقابات الأمنية. يذكّرها بأن دورها مهني مطلبي ضمن القانون ولا حق لها في ممارسة القرار الأمني وتقييم الأعمال الفنية. وتوعّدها بأن القانون سيطبّق عليها.

احتمالات تفسير هذا التصعيد :

1_ أن النقابات الأمنية (في عمومها… ربما هناك تفاصيل في الموقف لم تظهر للعلن بعد) ليست جزءا صميما من الانقلاب.

بل أنني أذهب إلى أبعد من ذلك.. الانتظام النقابي الأمني كان مكسبا من مكاسب عشرية الحرية بما وفر للمجتمع أداة إضافية من أدوات منع هيمنة الدولة على كل الأجهزة.

2_ أن النقابات الأمنية ، أو أغلبها، هي جيوب تمترست فيها بقايا شبكة المصالح القديمة. في هذه الحالة سيكون صراعها مع سعيد ووزير داخليته شهادة في ثورية سعيّد.

في سياق التناقض بين الاحتمال الأول والثاني نفهم ارتباك أداء الأجهزة الأمنية خلال الأشهر الأولى للانقلاب في تعاملها مع المظاهرات التي نظمها "مواطنون ضد الانقلاب" حين برز للعموم تردد كبير بين خيار القمع العنيف للمظاهرات وخيار التزام المهنية.

3_ الاحتمال الثالث هو أن يكون الانقلاب ليس واحدا… أي بدأ واحدا ثم تنازعته جهات هي الآن بصدد ترتيب علاقاتها فيما بينها.

4_ الاحتمال الأخير أن الأمر كله لا يعدو أن يكون جزءا من رثاثة تونسية مستفحلة.

وتبا…

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات