إنتاجيَّة "سْتَاخَانَوفْ" و"العشرين سَاعَتُوفْ" في "إنتاجيَّة" بيع الأوهام..

من وحي العشرين ساعة عمل حسب مسؤولة البروباغاندا الرِّئاسيَّة السَّابقة المستقالة: الإنتاج والإنتاجيَّة في كثرة الاجتماعات وقلَّة الإنجازات والفشل اذِّريع في احترام نواميس الدَّولة وغياب البَرَكَة.. نشرت مصالح الإعلام الرِّئاسي المفسبك والمتلفز اليوم ويوم أمس ويوم أوَّل من أمس بلاغات وصورا ومقاطع فيديو بالصُّور المتحرِّكة تظهر رئيس الجمهوريَّة في اجتماعات يوميَّة مع رئيس حكومة الرَّئيس للتَّدابير الاستثنائيَّة دونما تقديم أيَّة إضافة أو شروح عن مضمون المقابلات المتكرِّرة، بعد غياب غريب مريب دام أسبوعين انقطع فيها الوصل الرِّئاسي الحكومي..

ـ"استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد، اليوم الأربعاء 4 ماي 2022 بقصر قرطاج، السيّدة نجلاء بودن رمضان، رئيسة الحكومة. وتناول اللقاء جملة من القضايا التي تتعلق بالوضع العام في البلاد وبسير دواليب الدولة، كما تم التطرق إلى مواضيع تتصل بالوضع الاقتصادي والمالي بصفة خاصة."

ـ"استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيد، اليوم الخميس 5 ماي 2022 بقصر قرطاج، السيدة نجلاء بودن رمضان، رئيسة الحكومة. وتناول اللقاء مسائل تتصل بالوضع الاقتصادي والاجتماعي في تونس، وكذلك بالحوار من أجل تأسيس جمهورية جديدة. كما تم التطرق إلى قضايا متعلقة بالمالية العمومية وضرورة إيجاد التوازنات اللازمة."

ـ"استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد، اليوم الجمعة 6 ماي 2022 بقصر قرطاج، السيّدة نجلاء بودن رمضان، رئيسة الحكومة. وخُصّص اللقاء لاستعراض جملة من النقاط المتصلة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي في تونس، ومتابعة سير العمل الحكومي وتنسيقه تحت إشراف رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة."

وهلُمَّ جرًّا ممَّا بلغ معه السَّيْلُ الزُّبَى من اجترار بلاغات اللُّغة الخشبيَّة والأنشطة الفولكوريَّة للدَّردشات الرِّئاسيَّة للإيحاء بالسَّير العادي لدواليب الدَّولة المُجمَّدة والمُعَلَّقَة والمُعَطَّبَة والمُعَطَّلَة..

ورغم تشابه اللُّغة الخشبيَّة لكل البلاغات وتشابه الصُّور المتحرِّكة مع تغيير في الدِّيكور بتغيير لون محارم ضيفة رئيس الجمهوريَّة وتلوُّن ضحكتها المتناسقة مع لون محرمتها فقط من صفراء إلى حمراء إلى زرقاء إلى قزوردي إلى زنزفوري إلى بلاش، فإنَّ المقابلات المتكرِّرة لا توحي بإنجاز الحد الأدنى من "المنتوجيَّة" ولا حتَّى "الإنتاج" ولا حتَّى احترام دوريَّة مجلس وزراء الخميس، غير مجهودات "المونتاج"..

غير أنَّ البلاغ الأخير أبدع في اللَّامعنى، حيث لا توجد مؤسَّسة اسها "رئاسة الدَّولة" بل رئاسة الجمهوريَّة: "متابعة سير العمل الحكومي وتنسيقه تحت إشراف رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة."..

رئيس الجمهوريَّة يشرف على مؤسَّسة رئاسة الجمهوريَّة، وهو رئيس الدَّولة ويمثِّلها في الخارج ويشهر على وحدة شعبها واحترام دستورها قوانينها ويلتزم بالولاء لها.. إلَّا إذا كان البلاغ المُفسبك لرئاسة الجمهوريَّة يوحي بأنَّ الدَّولة هي رئيس الجمهوريَّة وأنَّ رئاسة الجمهوريَّة هي رئاسة الدَّولة..

وبالإضافة للفوضى المفاهيميَّة المُهينة لرئيس الجمهوريَّة أستاذ القانون وللدَّولة التُّونسيَّة، فإنَّ البلاغ الرِّئاسي المُفسبك يوحي بخلافات وبنقص في المتابعة والتَّنسيق وفي الإشراف، بَلْهَ تكرار المقابلات بدون نتيجة للإيحاء بعمل غير موجود، ممَّا يزيد في حيرة المواطن حول "إنتاجيَّة الدَّولة" تحت سلطان التَّ{ابير الاستثنائيَّة..

وكان الاتِّحاد السُّوفياتي أبدع سابقا في اختلاق "إنتاجيَّة" اصطناعيَّة سمَّتها الدِّعاية السُّوفياتيَّة "السّْتاخانوفيَّة"، تيمُّنا بخصال عامل المناجم المثالي السُّوفياتي " ألكسي غريغوفيتش ستاخانوف" ذو القُدرة الإنتاجيَّة الخارقة والَّذي نقلت عنه البروباغاندا أنَّه نقَّب واستخرج 102 طن من الفحم الحجري في أقل من ست ساعات (14 مرة أكثر من الكمية المطلوبة منه كعامل منجم آنذاك)، متجازا بأربعة عشرة مرَّة معدَّلات "الإنتاجيَّة الغربيَّة" آنذاك..

ثُمَّ قامت البروباغاندا بنقل أساطير أخرى، حيث حطَّم العديد ممَّن اقتدوا بالعامل المثالي الاشتراكي الرَّفيق ستاخانوف هذا الرَّقم"، في فيفري سنة 1936 حيث قالت البروباغاندا أنَّ العالمي الاشتراكي الرَّفيق نيكيتا إزوتوف استخرج 607 طن فحم في مناوبة عمل واحدة، أكثر من ستِّ مرَّات من القدرات الخارقة للرَّفيق ستاخانوف..

وقد احتفت الدِّعاية والبروباغاندا السُوفياتيَّة آنئذ ب"السَّتاخانوفيَّة" قبل اندثارها بعدئذ..

بل وأطلق الاتِّحاد السُّوفياتي"حملة السّتاخانوفيّة" و "حركة السّتاخانوفيّة" في مخطّط الخماسيّة الثّانية في سنة 1935 كعنصر رئيس في "المرحلة الجديدة" لما أسمته البروباغاندا "المنافسة الاشتراكية"..

وقاد الحزب الشّيوعي السّوفياتي الحركة "السّتاخانوفيّة" لتصبح سياسة دولة بقيادة الرِّفاق بوسيجين في قطاع صناعة السّيّارات، وسميتانين في صناعة الأحذية، وفينوجرادوف في صناعة النسيج، وجودوف في صناعة آلات التشغيل، وموسينسكي في صناعة الطّوابع وكريفونوس في سكك الحديد والرَّفيقة باشا أنجلينا كأوّل امرأة سوفياتية تستخدم جرّارا) والرّفيق بورين والرّفيقة ديمتشينكو في الزّراعة، وهلُمَّ جرًّا لكل قطاع رفيق "ستاخانوفي"..

بل وعقد الحزب الشيوعي في نوفمبر 1935 أوّل مؤتمر ستاخانوفي للحزب الشيوعي في الكريملن.. وأكد على الدور البارز ل"الحركة الستاخانوفية" في إعادة بناء الاقتصاد القومي الاشتراكي..

وفي ديسمبر 1935تداولت اللّجنة المركزيّة للحزب الشّيوعي السّوفياتي (البلاشفة) في سبل "تطوير الصناعة ونظام النقل في ضوء الحركة الستاخانوفية"وثلت حدَّ تعريف "المفاهيم الجديدة": "تعني الحركة الستاخانوفية تنظيم العمل في شكل جديد، ترشيد العمليات التكنولوجية، تصحيح تقسيم العمل، تحرير العمال المؤهلين من الأعمال التمهيدية الثانوية، تحسين مكان العمل، توفير نمو سريع لإنتاجية العمل وتأمين علاوات وزيادات في مرتبات العمال."..

بل وتمَّ تنظيم "المسابقات الستاخانوفية" في المصانع والمعامل وتنافست إدارات المعامل في تكوين "فيالق ستاخانوفية" و"أقسام ستاخانوفية"..

وأطلق السُّوفيات في حالة هذيان جماعي من قمَّة السُّوفياتات إلى السُّوفياتات القاعديَّة على كل معارض ل"الحركة السّتاخانوفيّة" لقب "المخرّب" وتصنيف معارضة "الّتاخانوفيّة" أو التّشكيك فيها وفي أرقامها وفي جدواها جريمة كان يعاقب عليها الاتحاد السوفييتي آنئذ بعد انذثاره بعدئذ..

وكانت السُّلطات السّوفياتيّة زعمت آنئذ قبل اندثارها بعدئذ أن "الحركة الستاخانوفية" كان سببا لتحسين "إنتاجية العمّال"ب 41% ثمّ ب 82%، دون أن تقوم أيَّة مؤسّسة ديمقراطيّة منتخبة وأية جهة محايدة وذات صدقيّة بالتّثبّت في الأرقام..

ووصل الهذيان حدّ توظيف النقاشات حول مسوّدة الدّستور في ثلاثينيات القرن العشرين للحث على موجة ثانية من "الحركة السّتاخانوفيّة"..

تحدثت صحافة وروايات وإعلام وأفلام البروباغاندا كثيرا عن "ستاخانوف" و"العمال المثاليين" الآخرين وكان لهم ظهور الأبطال في الأفلام والأدب بشكل أو بآخر واستعملت أعمال أخرى قصصهم للاقتداء بأمثلتهم.. وخصَّص لهم إليو بيتري فيلم "الطّبقة العاملة (السّتاخانوفيّة) تدخل الجنّة"..

وبعد انهيار الاتِّحاد السُّوفياتي، تبيَّن زيف الإنتاجيَّة الزَّائفة والجحيم الَّذي كانت تعيشه شعوب بأكملها تحت وهم البروباغاندا "السّتاخانوفيَّة" وزيف أرقامها وجور نظامها..

فهل تذكِّرت مسؤولة البروباغاندا المستقالة الرَّفيق ستاخانوف و"المقاربة السّتاخانوفيّة الجديدةّ وهي تطلق مقاربتها الاتِّصاليَّة "الجديدة" المستوحاة من إنتاجيَّة الرَّفيق "ستاخانوفْ" للإحياء بالإنتاجيَّة "العشرين ساعَتُوفْ"..

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات