فماذا تعني "مليار ونص" سنويا لرئيس جمهورية؟

جُملة المنح التي يتقاضاها أعضاء المجلس الأعلى للقضاء الخمس وأربعين (45) لا يتجاوز 1.6 مليار من المليمات سنويا!! نعم 1,6 مليار سنويا!!..وهو بعيون الدولة مبلغ تافه جدا، وهو أتفه بعيون مالك كل السلطات التنفيذية والتشريعية ومُصدر قانون المالية الذي يجدر به الحديث عن مئات المرات قيمة تلك المِنح وتوفيرها لخزينة الدولة بكفاءة عالية وعقل راجح…

فماذا تعني "مليار ونص" لرئيس جمهورية يتقاضى هو بمفرده نصفها تقريبا أجرا ومنحا وامتيازات عينية؟

حسابيا لا شيء تقريبا، قد تكون موضوع نزاع في قضية وحيدة تتعهد بها محكمة من جملة 2 ملايين قضية تتعهد بها المحاكم سنويا وتغنم منها الدولة مئات المليارات بين خطايا وأداءات وووو!! لكنها سياسيا تمثل إحدى مداخل استهداف المجلس الأعلى للقضاء وترذيله والتحريض عليه ونزع قداسته الدستورية والتهوين من مكانته ومسح كل مصائب البلاد به تمهيدا لحله أو تسخيره لفائدته ليتحكم من خلاله في كل القضاء…

حديث رئيس جمهورية بطُمّ طميمه، وفي مجلس وزاري - وما أدراك - وأمام الشاشات - "ويا للهول" - عن موضوع القضاء - وما أدراك ما القضاء - من زاوية المِنح المسندة لأعضاء المجلس الأعلى للقضاء - المؤسسة الدستورية المشرفة على السلطة القضائية، السلطة الثالثة في الدولة وما أدراك...يعطي فكرة على المنهج المعتمد من سلطة الانقلاب وخطابها الشعبوي في تزييف الوعي والتلبيس على الناس وتوظيف مكامن الضعف واستغلال الأزمات والركوب على النوازع وافتعال الذرائع لحل المؤسسات والسيطرة عليها وابتلاع اختصاصاتها لا لوضع بدائل أحسن لها بل فقط لتكريس الحكم الفردي…

في حضرة السلطة القضائية، بدل الحديث عن المال و"المليمات" والمنح التي لا تساوي شيئا...كان من الأجدى الحديث الجدي والمعمق - لو جاز الحديث أصلا في سياق انقلابي - عن أداء المجلس الأعلى للقضاء وأعضائه أو التفكير في إيجاد الأطر الشرعية والمناسبة لإصلاح حقيقي له وتفكيك شبكات المصالح المرتبطة ببعض أعضائه المتزلفين للقصر وهم بالأساس من شوّهوا المجلس وانحرفوا برسالته، كان من الأجدى استعادة المسار الدستوري والديمقراطي ومناخ الحريات، كان من الضروري احترام استقلال المؤسسة القضائية والكف عن ترذيلها ومحاولة تطويعها وتسخيرها لضرب الخصوم وما انجر عن كل ذلك من تشويه لسمعة البلاد وقتل مناخ الاستثمار وخسارة مئات المليارات...لا "المليار ونص"!

ملاحظة:

- ميزانية المجلس الأعلى للقضاء لسنة 2022 تتجاوز بقليل 6 مليارات (6،2)...فقط...فقط!!...منها مليار ونص سنويا تقريبا منح وامتيازات لأعضاء المجلس...هذا فقط... فقط!

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات