هل قرأ قيس سعيد الأمر عدد 328 المتعلق بالاستشارات العمومية ؟

هل صحيح ما قاله قيس سعيد مساء أمس الاثنين 10 جانفي في اجتماعه مع رئيسة الحكومة حول الأمر الحكومي عدد 328 لسنة 2018 المؤرخ في 29 مارس 2018 ويتعلق بتنظيم الاستشارات العمومية في صلته بالاستفتاء ( الاستشارة الالكترونية ) المقنع الذي ابتدعه خارج أحكام الدستور والقانون ؟

من الواضح انه لا علاقة للاستشارة الإلكترونية لقيس سعيد بالاستشارات العمومية كما حددها الأمر عدد 328 فهي لا يمكن ان تكون من صلاحيات رئيس الجمهورية .

اذ ينص الفصل الثاني من الأمر على ان أحكامه تنطبق على الهياكل العمومية التالية :


• الإدارات المركزية ومصالحها الخارجية

• المؤسسات والمنشآت العمومية

• الجماعات المحلية

فهي اذن ذات صلة بالإدارة ولا يمكن ان تكون مرتبطة بأي شكل من الأشكال برئاسة الجمهورية. كما ينص الفصل الأول من الامر على ضوابط تنظيم الاستشارات العمومية فهي تهدف الى :


• تدعيم انفتاح الإدارة على محيطها وتعزيز آليات التواصل مع المواطنين والمجتمع المدني

• تكريس مبدأي الشفافية والمشاركة في اتخاذ القرار

• تعزيز مشروعية السياسات العمومية

• دعم ثقة المواطنين في الإدارة العمومية

• تحسين جودة ونجاعة السياسات العمومية

وجلي أن هذه الاستشارة كما ضبطت في الأمر لا يمكن أن تتضمن اية مادة خارج ما يتصل بعمل الإدارة وهو ما يعني أن خروجها عن هذه الضوابط يعد خرقا للقانون خاصة إذا ما تحولت هذه الاستشارة إلى مدخل لتغيير الدستور أو القانون الانتخابي.

والواقع ان هذه الاستشارة الصادرة عن رئاسة الجمهورية هي « استفتاء » مخالف مخالفة صريحة للدستور الذي يحصر الاستفتاء في حالتين يشير اليهما الفصلان 82 و 144 . فلرئيس الجمهورية، استثنائيا، خلال أجل رد قانون إلى مجلس نواب الشعب وقعت المصادقة عليه من قبل المجلس أن يقرر العرض على الاستفتاء، ولكن هذا الاستفتاء لا يشمل إلا مشاريعَ القوانين المتعلقة بالموافقة على المعاهدات، أو بالحريات وحقوق الإنسان، أو بالأحوال الشخصية، والمصادق عليها من قبل مجلس نواب الشعب. ويعتبر العرض على الاستفتاء تخليا عن حق الرد وهو بذلك لا يمكن ان يتضمن اية مادة لها صلة بالنظام السياسي وإذا أفضى الاستفتاء إلى قبول المشروع فإن رئيس الجمهورية يختمه ويأذن بنشره في أجل لا يتجاوز عشرة أيام من تاريخ الإعلان عن نتائج الاستفتاء.

و يتعلق الفصل 144 بتعديل الدستور و ينص في فقرته الأخيرة على ما يلي » يتم تعديل الدستور بموافقة ثلثي اعضاء مجلس نواب الشعب و يمكن لرئيس الجمهورية بعد موافقة ثلثي اعضاء المجلس ان يعرض التعديل على الاستفتاء و يتم قبوله في هذه الحالة بأغلبية المقترعين ».

ويضبط القانون الانتخابي صيغ إجراء الاستفتاء والإعلان عنه اذ ينص الفصل 113 من القانوني على انه – تتم دعوة الناخبين إلى الاستفتاء بأمر رئاسي يلحق به مشروع النص الذي سيعرض على الاستفتاء. وينشر هذا الأمر وملحقه بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.

كما ينص الفصل 116 على اشراف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على الاستفتاء كإشرافها على الانتخابات التشريعية او الرئاسية او المحلية و- تعمل الهيئة على ضمان المساواة في استعمال وسائل الدعاية بين الأحزاب النيابيّة المشاركة في الاستفتاء.

مع العلم أن ما يوحي به رئيس الجمهورية من أنهم سنّوا ( »هم » هو الضمير الذي يستعمله الرئيس بكثرة والذي يعني خصومه غير محددي الهوية ) هذا القانون ثم أهملوه غير صحيح فقد وقع اعتماد آلية الاستشارة ولو شكليا منذ صدور الآمر وبشكل متواتر اعتنت بمواضيع اجتماعية وسياسية وفي مستويات مركزيَّة ومحلِّيَّة ( العنف في الملاعب، اللَّامركزية، الأحزاب السِّياسيَّة، التَّوقيت الإداري، الكتاب و المطالعة، العنف الأسري، المتقاعدون و كبار السنّ، … وهي تهدف إلى استجلاء رأي المواطنين لتجويد عمل الإدارة او الاعداد لمشروع قانون تشتغل عليه الحكومة قبل عرضه على مجلس نواب الشعب . ومن ذلك أخيرا الاستشارة العمومية حول الصيغة الأولية لخطة العمل الوطنية الرابعة لشراكة الحكومة المفتوحة من 17 الى 24 فيفري 2021…

وفي هذا السياق، ، فقد انطلقت أعمال إعداد خطة العمل الوطنية الرابعة لشراكة الحكومة المفتوحة منذ شهر أكتوبر 2020 . حيث رافق الإعلان عن انطلاق مسار صياغتها تنظيم استشارة عمومية موسعة على الخط عبر بوابة المشاركة العموميةwww.e-participation.tn بهدف استقاء وتجميع مقترحات المواطن ومختلف مكونات المجتمع المدني وغيرهم من الأطراف الحكومية وغير الحكومية قصد تطوير مبادرات والقيام بإصلاحات لتجسيم مبادئ الحكومة المفتوحة .

كما تم توجيه مراسلات رسمية لمختلف الوزارات والهياكل العمومية لتقديم مقترحاتها حول المشاريع التي يمكن إدراجها بهذه الخطة، وذلك إلى جانب تنظيم ثلاث ندوات عن بعد خلال شهر نوفمبر 2020 حول عدد من المحاور المتصلة بالحكومة المفتوحة على غرار حق النفاذ إلى المعلومة، البيانات العمومية المفتوحة، الحوكمة المحلية، وحوكمة التصرف في الموارد الطبيعية، ورقمنه الخدمات العمومية وتحسين جودتها.

ويتضح مما تقدم انه لا توجد أية علاقة بين استشارة قيس سعيد وهي عبارة عن استفتاء مقنع وخارج اطار الدستور والقانون والأمر المتعلق بالاستشارات العمومية التي لا تتجاوز عمل الإدارة في صلتها بالمواطن كما أن القول بان الأمر سن ثم ترك دون استعمال هو تهجم في غير محله من نوع هجمات قيس سعيد على خصومه بلا أية حدود ولا ضوابط .

فلماذا يخلط يقيس سعيد بين « الاستشارات العموميَّة » لاستجلاء آراء المواطنين في قضايا عامة ، وبين « الاستفتاء » الشَّعبي في قضايا تهم النظام السياسي او القانون الانتخابي وهو أمر لا يقع ضمن مشاغل وأهداف الاستشارة العمومية كما حددها الأمر عدد 328 ؟

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات