ماك صحافي وتندعى بالمعرفة؟

قرأت تصريحا طريفا لـ رم ع شركة اللحوم أنها ستبيع لحم الهبرة البقري بـ22 د للكلغ، والجزار القريب من البيت يبيع هذا اللحم بـ 27 دينارا دون أية رحمة دائما مع 200 غرام من الشحوم والشلاتيت والزلاعيط، (صاحبي نور الدين يعرفها وهي تشبه الكثير من شخصيات هذه الأيام) إذا عفتها ورميتها فسوف تكتشف أنك اشتريت اللحم بـ 40 دينارا للكيلو،

أما المساحة التجارية الكبيرة التي تنفق ملايين الدنانير على الإشهار الكاذب فهي تبيع هذا اللحم بـ 31 د، وهو عادة أزرق قديم مقطوع بطريقة فنية خبيثة تجعلك تشتري دائما نصفه من الزلاعيط والعظام، ونعرف كلنا أنه يتم تجديده كل يوم بقطع الطبقة الخارجية له ورحيها في شكل لحم مفروم مثل مساحة تجارية كبرى في ضاحية غربية للعاصمة كانت تبيع للصائمين في رمضان لحم بقر فاسد، وكل هذا تعودنا به ونحاول أن نعيش معه كيف ما أمكن،

أما السؤال المحير قاله لي جزار الحومة البذيء: "ماك صحافي وتندعى بالمعرفة، ياخي وين تبيع شركة اللحوم في اللحم بهذا السعر، لكي أشتري منها؟"، افحمني عمي الراجل، لأني أمر أحيانا في طريق العودة بمقر الشركة وأتساءل عما إذا كانت هناك مكان لبيع اللحم بتخفيض 20%؟ يعني هذا هامش الربح الأصلي لكي تعيش الشركة أم هامش تجاري يمكن التخلي عنه دون خسارة؟

لكن خلينا من شركة اللحوم وإعلاناتها الغامضة، هل تعرف أن ثمن خروف ذي 50 كغ في رومانيا مثلا لا يتجاوز 120 أورو؟ اي 380 دينارا، وهو مبلغ لا يشتري قطا في تونس، ويساوي فاتورة الكهرباء الشهرية بالنسبة للدخل المتوسط في أوروبا، وفي أستراليا، تشتري السعودية كل عام أكثر من مليوني خروف للحجاج، بسعر لا يتجاوز 100 دولار أسترالي في المعدل للأعوام الخمسة الأخيرة، يعني 73 دولارا أمريكيا، يعني 250 دينارا تونسيا في أقصى الحالات،

مش هنا المشكل، في أوروبا، كنت أشتري لحم الخروف بـ 11 أورو للكيلو، صحيح أنها تساوي 35 دينارا تونسيا، لكن ليس فيها زلعيطة واحدة ولا حشوة ولا جلدة ولا شلاتيت، لحم صافي مقطع مسبقا في بلاستيك مفرغ من الهواء فيه قصة حياة الحيوان إلى أن وصل إلى متجرك، الزلاعيط صاجبي، والدوارة والكرشة كانت توجه إلى الرحي علفا للخنازير والدجاج، إلى أن عثرت عليها في ضاحية سان دوني (93) شمال باريس، حيث تباع للعرب بأبخس الأثمان، الكبدة لا يتجاوز ثمنها 5 أورات، "شبعت بالكبدة صاحبي"،

الناس هناك لا يشترون سوى القطع النبيلة من اللحم بثمن واضح من باب الشبعة والترف، أما نحن، فنبيع اللحم مخلوطا بالزلاعيط مقابل 31 دينارا، أغلى من أسواق أوروبا، الجزار إياه حدثني عن أمهات عائلات، يشترين منه العظم البقري، من أجل "الصوص" والهرقمة مع القطع المهملة من جلدة البقر والسيقان، والله، أشياء لا يمكن شراؤها إلا تحت الفقر الشديد، وعبارة "نشفي على اللحم، شفاية صغر"،

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات