" الاسلام السياسي" مرض عقلي

ليس في العنوان اية إثارة او مبالغة، ولكننا قوم لا نقرأ. علينا ان نعود الي فرانز فانون و " معذَّبو الارض". فانون طبيب وعالم نفس من اصول افريقية انضم الي الثورة الجزائرية. في هذا الكتاب يُحلل الذات المُستَعمَرَة انطلاقا من تجاربه الاكلينيكية في الجزائر، فقد كان رئيس الطب النفسي في مستشفى البُليدة.

اول الامراض: انشطار الهوية

يُرجع فانون هذا المرض الي تقسيم المُستعمِر للفضاء الديمغرافي للمستعمرة: من ناحية هناك المدينة الحديثة حيث يتواجد المُستعمِر وهي نظيفة ومنظمة وبها المستشفى والمدرسة والإنارة، في مقابل احياء الاهالي الوسخة والفوضوية والمظلمة حيث يسود الجهل والجريمة والفقر، ويشكلون خطرا على العنصر الحديث، لذلك يقف بينهما الشرطي. ورث المستَعمَر هذا التقسيم: هناك " التوانسة" الحقيقيون، والجزائريون الحقيقيون والسنغاليون الحقيقيون، وهي نخب " حديثة" ومتعلمة و" ووطنية وديمقراطية" وهناك " الاخرون": جهلة وغير حداثييون ويمثلون خطرا لذلك يراقبهم الشرطي.

المرض الثاني: تمثُّل représentation المُستَعمر لنفسه انطلاقا من ادوات شكّلها المستعمِر

الاسلام السياسي هو احد هذه المفاهيم:

استعملت حركات التحرر سواء في المغرب مع علالة الفاسي او الجزائر مع الامير عبد القادر او تونس مع الثعالبي وكذلك بورقيبة او ليبيا مع الحركة السنوسية او السنغال مع الطريقة التيجانية والمريدية، او في تشاد ومالي والنيجر مع الطوارق بقيادة الشيخ المختار. لقد استند هؤلاء جميعا على العامل الديني في عملية الجهاد. اطلقت فرنسا على هذه الحركات التي تطالب بالاستقلال " الاسلام السياسي" ووصفتها بالارهاب والانفصالية والتعصب.

ورثت النخب الحاكمة بعد الاستقلال ارتباطها بفرنسا وورثت تقسيمها الديمغرافي للسكان كما ورثت تمثّلها : من يهدد سلطة النخبة " ليس حقيقيا": عندما استعر الخلاف بين عبد الناصر وبورقيبة اصبح القومييون " شوفنييون" لا يؤمنون بالأمة التونسية، ولاءهم للشرق، وعندما نافس اخرون هذه النخبة وجدت المفاهيم جاهزة: الاسلام السياسي، الظلامية، الارهاب( في الستينات كان لصيقا بالحركات اليسارية الماوية).

هذه النخب تتعامل بانتهازية مع " الاسلام السياسي": فهو ممتاز في السعودية ( الوهابية) ويتحالفون معه في ليبيا ( المدخلية مع حفتر) وهو حليف في مصر ( حزب النور). اما اذا بحث عن التحرر الوطني او تحالف مع غير فرنسا فهو " اسلام سياسي" خطير.

علينا ان نستفيد مما يسميه فانون وادوارد سعيد من بعده ب" التحرر الابستمولوجي"، اي التخلص من رؤية وتمثل المستعمِر لنا، وعلينا مقاومة النخب التي ورثت عنه السلطة وواصلت سياسته وتوظيفه لنفس التقسيمات والتمثّلات.

ان يرى المرء نفسه بعيني الاخر الذي استعمره فهذا مرض عقلي ناتج عن سلطة الاخر وهيمنته على العمليات العقلية ومنها التمثّل. " الاسلام السياسي" مفهوم ايديولوجي عند المستعمِر، مرض عقلي عند المستعمَر. هناك دولة نووية تقول عن نفسها انها دولة يهودية ولا يسمونها " يهود سياسي"، ملك المغرب " خليفة المسلمين" وملك السعودية " خادم الحرمين" ، ميركيل تنتمي الي الحزب المسيحي الديمقراطي..

في التحرر الابستمولوجي:

- فانون: معذبو الارض

-ا. سعيد: الاستشراق

- حميد دباشي: مابعد الاستشراق

نفس الكاتب:هل يستطيع غير الاوروبي التفكير؟

سبيفاك: هل يستطيع التابع الكلام؟

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات