الفصل 80 بريء من الانقلاب على مؤسسات الدولة

قال رئيس الجمهورية قيس سعيّد خلال ترأسه اجتماعا طارئا للقيادات العسكرية والأمنية بقصر قرطاج مساء مس الأحد 25 جويلية 2021 إنه اضطر إلى اتخاذ جملة من الإجراءات الاستثنائية التي يقتضيها الوضع في تونس.

وأضاف أن عديد المرافق العمومية تتهاوى وهناك عمليات حرق ونهب، متابعا » هناك من يستعد الآن لدفع الأموال في بعض الأحياء للاقتتال الداخلي».

وأكّد رئيس الجمهورية « المسؤولية التي نتحملها تقتضي منا اتخاذ تدابير يقتضيها هذا الوضع لإنقاذ تونس والدولة وانقاد المجتمع.. نحن نمر بأدق اللحظات في تاريخ تونس وأخطرها ولا مجال لأن نترك لأحد أن يعبث بالدولة وبمقدراتها وان يعبث بالأرواح والأموال وأن يتصرف في الدولة كأنها ملكه الخاص».

بعد التشاور وعملا بأحكام الفصل 80 من الدستور مع رئيس الحكومة ورئيس المجلس النيابي تقرر فورا:


• تجميد كل اختصاصات المجلس النيابي.

• رفع الحصانة عن كل أعضاء المجلس النيابي.

• تولّي رئاسة النيابة العمومية لمتابعة القضايا المتعلقة بنوّاب.

• تولي السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة.

• إعفاء رئيس الحكومة ودعوة شخص أخر ليتولى هذه المهمّة مدة التدابير المتخذة.

كما أكد رئيس الجمهورية قيس سعيد في كلمة ألقاها خلال زيارة قام بها فجر اليوم الإثنين إلى شارع الحبيب بورقيبة، أن قراراته ليست »انقلابا » كما تم الترويج، وهي قرارات دستورية وفق الفصل 80 من الدستور، على عكس ما يروّج له وفق تعبيره. وتابع »أكره الانقلاب ولست من دعاتها وكيف يكون انقلابا تطبيق فصل من الدستور؟».

وشدد سعيد على أنه استشار -قبل الاعلان عن هذه التدابير- كلا من رئيس الحكومة هشام مشيشي الذي التقاه بشكل مباشر، ورئيس البرلمان الذي أعلمه بالهاتف.

وأضاف رئيس الجمهورية قائلا »بالرغم من أني تعاملت معهم بمنتهى الصدق والاحترام، يتآمرون ليلا.. المسؤولية تقتضي أن أتحملها ولن أترك تونس لقمة سائغة يتلاعب بها هؤلاء».

وقال »من يتحدث عن انقلاب فليقرأ الدستور جيدا أو فليعد إلى الصف الأول ابتدائي » وشدد »من يحاول الهروب الآن ومن يريد أن يتحصن بالحصانة ليتطاول على الدولة ورموزها فهو مخطئ.. صبرت كثيرا وتألمت مع الشعب التونسي. ».

وختم سعيد كلمته قائلا »خبز حرية كرامة وطنية».

لقد قرانا الدستور يا سيادة الرئيس : إنه انقلاب .

لقد قرانا الدستور يا سيادة الرئيس وما فعلته لا صلة له من قريب أو من بعيد بالفصل 80 .وليس بإمكان أي عاقل أن يجد له غطاء دستوريا .و كل من يحاول أن يبرر ما وقع ليلة أمس بالفصل 80 من الدستور يتحايل على مضمونه تحايلا مخزيا سافرا ولا ندري إذا كان الرئيس وكل من يسانده على علم بظروف استعماله وبجنيالوجيته فالفصل صريح في أنّه لا يجيز لرئيس الجمهورية أي عمل انقلابي على مؤسسات الدولة ومنها البرلمان فلا يمكنه حلّ مجلس نوّاب الشعب الذي يواصل عمله سواء في مراقبة عمل الحكومة أو في وظيفته التشريعية سواء في اللجان البرلمانية او في الجلسة العامة ولا يكتفي الفصل 80 بعدم منح رئيس الجمهورية سلطة حل البرلمان بل يعتبر البرلمان في الحالة الموصوفة في الفصل 80 « في حالة انعقاد دائم» وليس لهذا الانعقاد من معنى في نظرنا سوى حماية الدولة من أي سوء فالمجلس يباشر مهامه التي من بينها خاصة وعملا بأحكام نفس هذا الفصل متابعة تنفيذ التدابير الاستثنائية و مراقبتها حتى يتسنى لرئيس المجلس او لثلاثين من أعضائه أن يطلبوا بعد مرور ثلاثين يوما على سريان تلك التدابير الاستثنائية من المحكمة الدستورية البتّ في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه والكل يعلم انه الى حدّ الآن لم يقع إرساء المحكمة رغم إحداثها بالقانون عدد 50 لسنة 2015 المؤرّخ في 3 ديسمبر 2015.

لقد حرص النواب المؤسسون بعد الثورة على « أن يكون مجلس نواب الشعب سلطة تشريعية بحقّ » و أكّدوا على ضرورة « حمايته وهو المجلس المنتخب من الشعب من مخاطر الوقوع تحت سلطة جهة أخرى بيدها وحدها قرار حلّه » و لم يسمح بذلك إلاّ في حالة وحيدة مرتبطة بعجزه عن منح ثقة لحكومة جديدة وفق ما ورد في الصفحة 27 من التقرير العام حول مشروع الدستور.

وخلال مدة الحجر الصحي فعل قيس سعيد الفصل 80 وظلت القصبة في مكانها ولم ترحل إلى قصر قرطاج وأصدر رئيس الحكومة أوامر ترتيبية نذكر منها الأمر الحكومي عدد 156 لسنة 2020 المؤرخ في 22 مارس 2020 المؤسس على الفصل 94 من الدستور الذي ينص على ان رئيس الحكومة يمارس السلطة الترتيبية العامة و يتعلق الأمر الحكومي عدد 156 لسنة 2020 بضبط الحاجيات الأساسية و مقتضيات ضمن سير المرافق الحيوية في إطار تطبيق إجراءات الحجر الصحي الشامل و الأمر الحكومي عدد 208 لسنة 2020 المؤرخ في 2 ماي 2020 المتعلق بضبط إجراءات الحجر الصحي.

نحن بلا شك أمام مغامرة انقلابية لا أحد يدري إلى حيث يمكن أن تقود البلاد . وإن التذرع بكره النهضة أ وبفساد الطبقة السياسية لا يبرر بالمرة الانقلاب على مؤسسات الدولة وجمع كل السلطات في يد رجل واحد يسيّر البلاد بمراسيم في كل شأن واختصاص في غياب سلطة تشريعية ويعين رئيس الحكومة والفريق الحكومي ويتحكم في القضاء .

أين وجد الرئيس كل هذه الفوضى ؟ وأي دستور في العالم كتبه عقلاء في دولة تطمح أن تكون ديمقراطية يمكنه أن يحتوى بين فصوله ما يجيز إعدام الدستور نفسه على يد رجل مغامر أو أن يمضي على انتحاره بهذه الطريقة التي تستحضر دولة المستبدين المسنودة بالعسكر . من المؤسف أن ينفخ في نار هذا العبث سياسيون ورجال قانون ثم تنتقل لوثته وعدواه إلى كثير من السذج من عامة الناس ممن تستويهم لغة البيان رقم 1 في مناخ ملوث تحكمه أزمة خطيرة بين مؤسسات الدولة أوصلت البلاد الى نهاية تحمل معها تهديدا جديا لكل العملية الديمقراطية التي صاحبت الثورة وحملت معها وعودا وآمالا عظيمة.

تونس مقبلة على مرحلة غامضة مثقلة بكل المخاطر التي تهدد تجربة ديمقراطية هشة، بل مهددة اليوم بان تعرف نفس المصير الذي عرفته في بلدان عربية أخرى… ويا خيبة المسعى.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات