فلسطين وصراعاتنا السياسية التونسية الداخلية: بوصلتي في القضية الفلسطينية

أولا-

القضية الفلسطينية هي قضية تحرر وطني من الاستعمار، ولكن ليس اي استعمار.

ثانيا-

انه الاستعمار الاستيطاني المطلق وليس حتى الاستعمار الاستيطاني النسبي؛ الصهيونية تشبه هنا استعمار أمريكا وكندا واستراليا ونيوزيلاندة -بحيث كان الهدف افراغ أرض من سكانها الأصليين وليس فقط الهيمنة عليهم- ولا تشبه حتى جنوب افريقيا ولا تشبه استعمار الجزائر وبالطبع لا تشبه استعمار تونس أو مصر أو الهند،الخ.

ثالثا -

القضية الفلسطينية تصبح هنا قضية وجود شعب على أرضه وليس أي قضية وجود أخرى كما هو حال وجود وحقوق السود في جنوب افريقيا مثلا.

رابعا -

النضال الوطني الفلسطيني هو نضال من نوع خاص لا يمكن معالجته وفق المقاييس السياسية 'العادية' فذلك فقدان للبوصلة.

خامسا -

النضال الوطني الفلسطيني يتميز بأنه قبل /ومع كونه نضال وطني /فلسطيني أو قومي/عربي أو ديني/اسلامي/مسيحي أو طبقي/أممي هو أيضا نضال جغرافي وديمغرافي أصلا مما يضفي عليه طابعا انسانيا خاصا بحيث يكاد يكون 'نضالا أنتروبولوجيا'.

سادسا -

ان النضال الوطني الفلسطيني بوصفه نضالا سياسيا هو بالتالي نضال سياسي من نوع خاص تماما لا يجب أن يقيّم بنظارات سياسية أخرى.

سابعا -

كل الصراع الوطني الليبيرالي والقومي العربي والديني الاسلامي واليساري الاشتراكي ان لم يع خصوصية القضية الفلسطينية لا يصب الآن الا في صالح أعداء فلسطين والفلسطينيين.

ثامنا -

وبالتالي فان أوكد مهام أنصار فلسطين من كل المشارب السياسية هو تنظيم الصراع الداخلي حول القضية باعتباره صراعا ثانويا لأن الهدف فيه ليس من يمسك السلطة (كما هو حال كل الصراعات السياسية التقليدية) بل كيف تستقل فلسطين أيا كان من سيمسك بسلطتها المستقلة لاحقا.

تاسعا -

كل نضال من أجل استقلال أي جزء من فلسطين ايا كانت حدوده - كما هو الحال في الضفة وغزة- ومن أجل استقلال كل فلسطين أيا كان من سيمسك بالسلطة وقتها هو، موضوعيا،نضال ثوري مهما كانت محتويات برامجه السياسية.

عاشرا -

في فلسطين، قد تنقسم الحركة الوطنية الفلسطينية الى أجنحة وطنية محافظة ووطنية اصلاحية ووطنية ثورية كلاسيكية كما هو الحال في كل ثورات التحرر الوطني، وقد تكون لها ارتباطات دولية غير سليمة وبرامج سياسية غير مقبولة يجب نقدها، ولكنها حتى بمجرد نضالها الجغرافي و الديمغرافي الأدنى تعتبر، موضوعيا، بسبب خصوصية الاستعمار الاستيطاني ، حركات ثورية جزئية أو كلية من صنف خاص يختلف عن تلك التوصيفات في باقي البلدان العربية.

بوصلتي الخاصة في القضية الفلسطينية هي:

أ-

أساند كل نضال يهدف حتى الى الحفاظ على الحجر والشجر في فلسطين ولو كان من مجرّد خلفية جغرافية وديمغرافية؛ كل شبر من أرض فلسطينية يفتك هو مكسب ثوري وكل طفل فلسطيني يولد في فلسطين أو الشتات هو مكسب ثوري.

ب-

أعتبر كل الاختلافات السياسية حول كيفية تنظيم العلاقات بين الفلسطينيين في اطار البرامج السياسية للحركات الفلسطينية الحالية والمستقبلية اختلافات ثانوية طالما لا يزال الاستعمار الاستيطاني هو القضية المركزية وأدعو الى توحيدهم جميعا في أوسع جبهة وطنية بقطع النظر عن الاختلافات السياسية.

ت-

أعتبر كل عربي وكل انسان حر في العالم يساند القضية الفلسطينية مخطئا سياسيا لو عالج القضية الفلسطينية وفق الرؤية السياسية التي تنطبق ليس فقط في البلدان المستقلة، بل حتى في البلدان التابعة -كباقي البلدان العربية - لأن الاستيطان يختلف حتى عن الاستعمار التقليدي وحتى عن كل أشكال التبعية.

ث-

أدعو أنصار فلسطين في الوطن العربي والعالم من كل المشارب الفكرية والسياسية الى تنظيم كيفية 'تحييد ' القضية الفلسطينية عن الصراعات الداخلية العربية والعالمية وذلك بمعنى دقيق: الاتفاق حول القواسم المشتركة الدنيا والتنسيق في شأنها وفصلها 'الاجرائي' عن الصراعات الخاصة والاكتفاء عند الاختلاف بتسجيله الفكري وتنظيمه السياسي دون جعله معرقلا تنظيميا لإسناد القضية مهما كانت الاختلافات في السياسة الداخلية.

ج-

أعتبر كل من لا يفعل ذلك فاقدا ليس فقط للبوصلة السياسية، بل وفاقدا، قبلها، للبوصلة الانسانية مهما كانت مبرّرراته الفكرية و/أو التكتيكية اليمينية أو الوسطية أو اليسارية، لأن السياسة بمعناها الكلاسيكي هي في فلسطين -بسبب الاستيطان - عبارة عن تخمة كمالية تأتي بعد ما هو ضروري للوجود الانساني ضد الموت وما هو حاجي للحياة البشرية عند الحياة.

ح-

أتمنى من التونسيين تحديدا أن يعرفوا من أيت تؤكل الكتف ترجمة لنصرتهم للقضية ووفاء لشهداء فلسطين في تونس في مجزرة 'حمّام الشط 'ولشهداء تونس في فلسطين وفي جنوب لبنان وفي تونس بأن يكونوا لجنة وطنية غير سياسية -داخلية- نصرة لفلسطين يتنازلون فيها عن راياتهم الحزبية ولا يرفعون في كل الأنشطة التي تدعو اليها سوى الرايتين التونسية والفلسطينية.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات