حركة النهضة التّونسية وبرنامجها الاقتصادي: من 'الاقتصاد الاسلامي' الى 'الأوردوليبيرالية الاسلامية '

الإهداء: الى عمال وفقراء تونس بمناسبة 1 ماي

مقدمة:

منذ انعقاد المؤتمر العاشر لحركة النهضة، أيام 20-21-22 ماي 2016، برزت في الساحة السياسية التونسية النقاشات المرتبطة باشكالية تحول النهضة من 'الاسلام السياسي' الى 'الاسلام الديمقراطي' وأبعادها المختلفة؛ السياسية والاقتصادية والتنظيمية الخ. وكان هنالك دائما رأيان كبيران عموما؛ رأس النهضويين المبالغين في مدح هذا التحول ورأي نقاد النهضة المشككين في التحول (عبر صيغة التركيز على 'ازدواج الخطاب') أو الناقدين لاتجاهه. وبين الرأيين توجد طبعا مواقف وسطية أو انتقالية هنا وهناك. وان هدف هذا المقال هو، تحديدا، رصد تحول خطاب وممارسة النهضة الاقتصاديين بين ما نسميه 'الاقتصاد الاسلامي' - البرنامج التقليدي للإسلام السياسي - و 'الأوردوليبيرالية الاسلامية' - الذي نعتقد انه البرنامج الحالي لما يسمى 'الاسلام الديمقراطي' التونسي.

وسنقوم هنا بالمقارنة المختصرة بين خطابين/ممارستين ؛ خطاب/ممارسة 'الاتجاه الاسلامي' القديم وخطاب/ممارسة النهضة على مشارف وأثناء واثر المؤتمر العاشر، محاولين اثبات التحول على مستوى الخطاب و الممارسة ولكن في اتجاه ساهم في عرقلة انتقال تونس الديمقراطي نحو 'الجمهورية الاجتماعية الديمقراطية' التي كانت مطلبا في ثورة تونس السياسية 2010-2011 التي رفعت شعارا مركزيا هو "الشغل و الحرية والكرامة الوطنية".و سنعتمد على ثلاثة مصادر أساسية هي بعض كتابات راشد الغنوشي ، وبعض الوثائق الرسمية للاتجاه الاسلامي/النهضة ، وبعض أهم المواقف العملية الاقتصادية. وقبل البدء في التحليل نشير الى ان فكرة كتابة هذا المقال المختصر والمكثّف جاءتني في اطار نقاشات متواصلة مع الأستاذ الصديق م.شريف الفرجاني منذ أكثر من سنة الآن حول الاشكاليات النظرية لما يسمى 'الثورة المحافظة ' في العالم عموما وفي العالم الاسلامي خصوصا وفي تونس تحديدا وأشكره على دفعي غير المباشر الى كتابته.

1- من ' الاقتصاد الاسلامي '…

يعرف المهتمون بالإسلام السياسي عموما أن بديله الاقتصادي التقليدي كان 'الاقتصاد الاسلامي' الذي يقال عنه انه غير رأسمالي وغير شيوعي؛ ' لا غربي ولا شرقي ' كما كان يقال. ومن المهم التذكير تحديدا ان 'الاتجاه الاسلامي' في تونس نشأ في مرحلة وفي بيئة خاصة نسبيا؛ بيئة تونس التي كان حزبها الحاكم نفسه يسمى 'الحزب الاشتراكي الدستوري' وكانت كل معارضتها اشتراكية، بمعنى ما، من الاشتراكيين الديمقراطيين (أحمد المستيري) الى الاشتراكيين الشعبيين (أحمد بن صالح) الى الاشتراكيين العرب (ناصريين وبعثيين) الى الاشتراكيين العلميين (اليسار الشيوعي) بحيث كان على الاتجاه الاسلامي ،ليكون منافسا ايديولوجيا،أن يقترب حتى من 'الاشتراكية الاسلامية' التي اقترب منها خاصة من كانوا يسمون 'الاسلاميين التقدميين' الذين كان بعضهم مثلا يركز، مع 'الشيخ الأحمر' السعودي عبدالله القصيمي ،على الحديث النبوي القائل 'الناس شركاء في ثلاث ؛الماء و الكلأ والنار' لتبني ما يسمى 'الاشتراكية الاسلامية' و المطالبة بالتأميمات ،الخ. وبالنسبة الى 'الاتجاه الاسلامي'، يهمنا هنا رصد الموقف من بعض المسائل الاقتصادية الناتجة عن ذلك البديل في وثائق الحركة القديمة ثم النظر الى كيفية تحولها اللاحق لفهم اشكالية البحث.

في مقال له بعنوان 'الثورة الايرانية ثورة اسلامية: مواقف من الثورة ' صدر في سنة 1979 وفي فقرة بعنوان 'الاسلام ايديولوجية الشعوب المستضعفة ' كتب راشد الغنوشي : " ثورة ايران هي ثورة الاسلام ضد الاستبداد و القهر و التبعية و الاستغلال: انها ثورة المستضعفين ضد الطغيان السياسي و الاستغلال الاقتصادي و' نريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين'. " (راشد الغنوشي، كتاب ' مقالات ‘، مطبعة تونس- قرطاج،ط. 2 ،1988 ،ص.80)

وهنا نجد اعلانا صريحا قديما على مقاومة 'الاستكبار' العالمي والداخلي نصرة 'للمستضعفين' ضد الاستعمار والتبعية من ناحية وضد الاستغلال والفقر من ناحية ثانية، وقد كان ذلك موضة اسلامية سياسية وقتها.

وفي مقال لاحق، في نفس الكتاب، بعنوان " قادة الحركة الاسلامية المعاصرة: البنّا- المودودي – الخميني " جاء

بعد فقرة بعنوان 'الاهتمام بالقضية الوطنية' – ضد التبعية والاستكبار العالمي - في فقرة بعنوان 'الاهتمام بالقضية الاقتصادية والاجتماعية ' ان: " رجال الحركة الاسلامية في حرب متواصلة ضد الفقر و ما يقابله من ترف و تبذير لثروات الأمة وهم مع اقرارهم بمبدأ الملكية ، الا أنهم يقيدونها بعدة قيود تمنعها من أن تصبح وسيلة استغلال وتجعلها في خدمة الجماعة..." ( نفس المصدر،ص.92-93)

اننا نجد هنا سعيا اسلاميا سياسيا تقليديا الى تأسيس ما يمكن أن نسميه 'اقتصاد الجماعة' الاسلامي الذي يحاول تقديم نفسه بديلا جديدا لكل من الرأسمالية و الشيوعية وقتها فيجد نفسه مضطرا الى تبني خطاب اقتصادي اجتماعي راديكالي في شعبيته مع صبغه دائما بنبرة دينية طبعا. وكان هذا الخطاب شديد التأثر زمنها بكتاب 'اقتصادنا' للعراقي محمد باقر الصدر وبمواقف الاسلام السياسي الشيعي الايراني الذي ورث نوعا من الخصوصية الراديكالية عن مجمل التاريخ الاسلامي حيث كان السنة هم الحاكمون والأغنياء بينما كان الشيعة عموما من الفقراء والمضطهدين كما تدل على ذلك أغلب الحركات الاحتجاجية الاجتماعية في التاريخ الاسلامي.

وفي سنة 1981، عندما طلب 'الاتجاه الاسلامي' الترخيص القانوني للنشاط ورد في 'البيان التأسيسي لحركة الاتجاه الاسلامي' الذي تم ايداعه قانونيا للغرض في فقرة تحمل عنوان ' المهامّ ' ما يلي حول الاقتصاد:

"اعادة بناء الحياة الاقتصادية على اسس انسانية وتوزيع الثروة بالبلاد توزيعا عادلا على ضوء المبدأ الاسلامي 'الرّجل وبلاؤه،الرّجل وحاجته'؛أي (من حقّ كل فرد أن يتمتع بثمار جهده في حدود مصلحة الجماعة وأن يحصل على حاجته في كل الأحوال) حتى تتمكن الجماهير من حقها الشرعي المسلوب في العيش الكريم بعيدا عن كل ضروب الاستغلال و الدوران في فلك القوى الاقتصادية الدولية." (راشد الغنوشي، من تجربة الحركة الاسلامية في تونس، البيان التأسيسي لحركة الاتجاه الاسلامي، دار المجتهد، تونس،2011، ص.261)

ونلاحظ هنا تكرار عبارات النضال ضد التبعية والاستغلال، بل واستعمال مصطلحي 'الانسانية' و' الجماعة' معا الى درجة استحضار 'مبدأ اسلامي' يقلّد الشعار الشيوعي الشهير الخاص بالمجتمع الشيوعي (وليس حتى الاشتراكي) والقائل 'من كل حسب عمله ولكل حسب حاجته '.

وفي نصّ " مقتطفات من الندوة الصحفية الأولى للحركة " الوارد في نفس الكتاب قيل في فقرة بعنوان ' الملكيّة ‘:

"...نحن لم ننف الملكية في الاسلام،ولكننا قدّمنا مفهوما للملكية،الملكية نفهمها ، وليس من الضروري أن يفهمها الآخرون كما نفهمها، انّها ليست ملكية ذات ، وليست ملكية رقبة ، الأرض هي ملك الله و الانسان يملك حق الانتفاع من الأرض ، فإذا رفع يده عنها لم يعد له عليها اي حقّ. ولقد عقدنا في هذا الشأن ندوات لنؤصّل هذا المفهوم المنطلق من حديث النبي (صلعم) في شأن الأرض:' الأرض لمن يزرعها ' وأن النبي (صلعم) نهى عن كراء الأرض واعتبر أن كراء الأرض هو نوع من التعامل الرّبوي ...؛ أي ربحا بدون مقابل. فنحن لم ننف الملكية ولكن قدمنا مفهوما آخر للملكية فهي ملكية انتاجية؛ أي: ملكية انتفاع ." (نفس المصدر، ص.273)

وهنا نلاحظ، استنادا الى أحاديث نبوية كالعادة، اقتراب الاتجاه الاسلامي وقتها من فكرة 'تأميم الأرض' –لأنها في الأساس ملك الله وبالتالي هي ملك 'الدولة الاسلامية' التي تمثل 'الجماعة' أو هي 'ملك مشاع' – واتفاقا مع الشعار اليساري المعروف والمنتشر وقتها في تونس في 'المسألة الزراعية ': 'الأرض لمن يفلحها '.

بشكل عام، اذن، كان 'الاتجاه الاسلامي' وقتها اسلاميا راديكاليا - من موقع 'الاقتصاد الاسلامي' - في نقد الرأسمالية متأثرا في ذلك بخطاب السلطة 'الاشتراكية الدستورية' وكل المعارضات الاشتراكية التونسية بما فيها وقتها 'الاسلاميون التقدميون' الذين انفصلوا عن حركة 'الاتجاه الاسلامي' الأم، فكان (الاتجاه الاسلامي) يركّز كثيرا على 'المستضعفين' و 'الفقراء' و'الجماهير الشعبية'،الخ.

ولكن، وبعد مرحلة انتقالية امتدت طويلا من أواسط تسعينات القرن الماضي حتى الثورة التونسية، وبعد انقضاء 'سكرة الثورة' سنوات 2011-2013 والحلم بتحقيق 'الخلافة السادسة' وغيره، بدأت الأمور تتغير بما في ذلك في 'البرنامج الاقتصادي' وذلك منذ هزيمة 2014 الانتخابية تحديدا، وظهر خطاب جديد.

2-...الى 'الأوردوليبيرالية الاسلامية '

بعد ما وقع في مصر للإخوان المسلمين وبعد صمود سوريا واختلاط الأوراق في ليبيا وبعد أزمة صيف 2013 اثر اغتيال الشهيد محمد البراهمي، بعد اغتيال الشهيد شكري بلعيد، وبعد سقوط حكومة علي العريّض الأخيرة ثم بعد هزيمة 2014 الرئاسية والتشريعية، بدأت النهضة تسعى الى تغيير صورتها على كل المستويات ومنها برنامجها الاقتصادي الذي يجب أن يتلاءم مع فكرة الانتقال من 'الاسلام السياسي' الى 'الاسلام الديمقراطي' التي ستتمأسس في المؤتمر العاشر سنة 2016.

ولكن تمهيدا لذلك وقبله، كان راشد الغنوشي، سنة 2015 ، قد نشر في فرنسا كتابا به حوارات مع الصحفي أوليفيي رافانيللو "حول موضوع الاسلام..." ( منشورات 'بلون' ، باريس،2015) وردت فيه مقدّمات مهمة لما سيقع تثبيته في لوائح المؤتمر العاشر سنة2016.

فردّا على سؤال حول مدى تفوق حزب اسلامي على الشيوعيين في مقاومة الفقر مثلا، قال الغنوشي:

" نتفق مع الشيوعيين من أجل العدالة الاجتماعية ، من أجل مقاومة الفقر.ولكنهم يبنون نشاطهم على المادية التاريخية ورفض الدّين الذي يعتبرونه افيون الشعب.نحن نعتقد أن 'الحق' - و/أو 'العدل' (نحن)- اسم من أسماء الله الحسنى وأن السلطة يجب أن تتأسس على العدل وأن العدل لا يكون ممكنا اذا كان هنالك اغنياء أنانيون وفقراء متروكون لحالهم .نحن نعتقد أنه بقدر اقترابنا من العدالة الاجتماعية وقضائنا على الفقر بقدر ما نكون مؤمنين جيّدين .هذا قاسم مشترك بيننا وبين البروتستانتيين الذين يعطون أهمية كبرى للتجارة ،للأعمال،للعمل في فلسفتهم الدينية.انهم يرون النجاح الاقتصادي انجازا يعجب الله على عكس الكاثوليك..." ( ص.102)

هنا يقوم راشد الغنوشي بانقلاب بمائة وثمانين درجة في نفس الفقرة من خلال الانتقال من الاتفاق مع الشيوعيين حول العدالة الاجتماعية والقضاء على الفقر الى الاتفاق مع البروتستانتيين حول أهمية التجارة والاستثمار والعمل ، لأن الأمر يختلف جذريا بين تيار سياسي عمالي مساواتي معادي للرأسمالية ثوريا وتيار ديني تنسب اليه أصلا فكرة ارتباط تدينه بالمال والاستثمار و العمل بحيث ،مع قراءة ليبيرالية لماكس فيبر مثلا ، يصبح 'الاصلاح البروتستانتي' صنوا لنشأة الرأسمالية نفسها، ولنترك النقاش السوسيولوجي هنا لان ما يهمنا هو كون راشد الغنوشي بانتقاله من الاتفاق مع الشيوعيين الى الاتفاق مع البروتستانت ينتقل من الثورة على الرأسمالية (مع الشيوعيين) الى القبول بها (مع البروتستانتيين) وهو بالتالي يتخلى عن برامج الاسلام السياسي القديمة كثيرا ويتحول باتجاه ليبيرالي ما جديد.

وقبل هذا، في نفس الكتاب، كان ردّ الغنوشي عن سؤال حول الموقف من العربية السعودية وثراء حكامها كما يلي:

"نحن لسنا ضدّ الثروة. من بين الأسماء التسعة والتسعين لله هناك اسم 'الغنيّ' وليس 'الفقير'. ان المسلم الجيد ليس المسلم الفقير.ان من يغتني لا يفعل ذلك بمعارضة تعاليم الاسلام بشرط التقاسم . وليس الأمر مسالة صدقة، بل باعطاء جزء من ثروته فعلا." (نفس المصدر، ص.79) ويعرف الكثيرون أن الغنوشي صرّح مرات أخرى، في حوارات تلفزيونية ، أن الفقراء لا يستطيعون آداء كل اركان الاسلام مثل الحجّ وهم بذلك ليسوا مثل الأغنياء حتى من وجهة نظر دينية ،و هذا الموقف مفهوم في الخطاب الاسلامي التقليدي الذي يعتبر المرأة ،مثلا،أقل تدينا من الرجل لأنها لا تستطيع القيام بشعائرها عند النفاس والحيض الخ.

من ناحية أخرى، نلاحظ هنا كيفية استعمال الغنوشي لرمزية 'أسماء الله الحسنى' في الاسلام للدفاع عن ميله الليبيرالي هنا بعد أن استعمل نفس التقنية اللغوية للدفاع عن العدالة. ولكنه هنا ينسى حتى ابسط المبادئ الاسلامية لأن الله ليس غنيا بالمال مثل قارون ومثل البورجوازية، بل غني عن العالم كله أصلا، وهذا ما يعتمده مسلمون آخرون - وخاصة الصوفية و' فقراها' - لمدح فقراء المجتمع الذين هم 'نصف أهل الجنة ' كما يرد في بعض المصادر المسلمة القديمة، ولكن - مع الأسف - مع ايراد فكرة أخرى هي كون النساء هن ' نصف أهل النار'.

المهم هنا هو انه بإمكاننا تسجيل تحول في الخطاب الاقتصادي في اتجاه رأسمالي ليبيرالي واضح عموما، ولكنه لا يحدد بعد صنف الاوردوليبيرالية الذي ذكرناه أعلاه. وهنا، قبل المرور الى 'لوائح المؤتمر العاشر'، نقدّم التعريف المختصر التالي للأوردوليبيرالية.

ان الاوردوليبيرالية هي نظرية اقتصادية رأسمالية ظهرت في ثلاثينات القرن الماضي للبحث عن حلول للأزمة الاقتصادية والسياسية في ألمانيا خاصة وتمايزت في نفس الوقت عن الشيوعية من ناحية وعن السياسة الاقتصادية النازية والليبيرالية الاجتماعية والليبيرالية الجديدة من ناحية ثانية. وهي تنظر الى السوق في علاقة بالثقافة – وهو تقليد فكري ألماني يعود الى التأثر بالرومنطيقية وبفلسفة التاريخ الألمانية – وتعتبر الحرية الاقتصادية اساسية - وهي لذلك ليبيرالية- مع حديث عن 'اقتصاد السوق الاجتماعي' الذي يختلف عن الاقتصاد الليبيرالي الاجتماعي في تخفيف دور الدولة فيه، وتنادي بمبدأ استقلال البنك المركزي عن السلطة السياسية بحثا عن مرتكز لما تسميه 'الدستور الاقتصادي' بحجة تجنب تأثير الأحزاب والخواص على السياسة المالية وتقبل، كسياسة، بالديمقراطية السياسية الليبيرالية. والأوردوليبيرالية كانت سياسة المسيحية الديمقراطية الألمانية في ألمانيا الغربية الفدرالية أساسا ثم تم تبني بعض مبادئها على مستوى الاتحاد الأوروبي لاحقا. ونعود الى لوائح المؤتمر العاشر للنهضة.

• في اللائحة التي تحمل عنوان ' لائحة الرّؤية الفكرية ' - التي عوضت الوثيقة القديمة التي كانت تحمل عنوان 'الرؤية الفكرية والمنهج الأصولي' - وعدّلت الخطاب المرجعي الفكري باتجاه 'الاسلام الديمقراطي' ، وفي فقرة وردت ضمن الفصل الثالث بعنوان ' الاقتصاد و التنمية' ورد في النقاط الثلاث الأولى حديث عن 'منوال التنمية' كما يلي :

• "- أن يكون منوالا متلائما مع هوية المجتمع وقاعدته الثقافية الشعبية:دينا ولغة وانتماء،فتلك القاعدة المتاصلة في الشعب هي التي تجعله متفاعلا مع المتطلبات الاقتصادية (... ) - أن يكون منوالا قائما على مبدإ الحرية الاقتصادية أساسا، حرية الإنتاج والتملّك والتصرّف، فالحرية هي الدافع الأكبر للمبادرة والابتكار والإبداع، وهي المحفّز الأكبر لفطرة التملّك، وهي بالتالي السبب الأساسي لإنتاج الثروة (...) (و) - أن يكون منوالا قائما على اقتصاد السوق الاجتماعي ، الذي هو في الجوهر يجمع بين نظام الاقتصاد الحر القائم على آلية السوق والمبادرة والفعالية وبين الحاجة إلى العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص يكون للدولة فيه دور التعديل والرقابة والتدخل عند الاقتضاء و يكون للمجتمع فيه دور هام في الدورة الاقتصادية وهو ما يتوافق تمام التوافق مع مبادئ الاقتصاد الإسلامي التي تختلف مع النموذج الليبرالي المطلق من جهة ونموذج الاقتصاد الموجه المعتمد كليا على الدولة من جهة ثانية وذلك من خلال إحداث التوازن الهيكلي عبر تطوير منظومة القطاع التضامني غير الربحي القائمة على نظام التكافل والزكاة والوقف وغيرها ."

وان هذه النقاط الثلاث الأولى هي نسخ حرفي لثلاثة من مبادئ الاوردوليبيرالية التي ترى الاقتصاد 'سوقا وثقافة ' في نفس الوقت، وتتحدث عن ' الحرية الاقتصادية ' كمبدأ اساسي في الرأسمالية، و تنادي بما يسمى ' اقتصاد السوق الاجتماعي ' بالذات تمييزا له حتى عن ' الليبيرالية الاجتماعية ' الكاينزية.

وفي ' اللائحة الاقتصادية الاجتماعية ' للمؤتمر، في عنصر'الخيارات والتوجهات الاستراتيجية' وفي فقرة بعنوان ' المقاربة الاقتصادية والتنموية' ورد ما يلي: " تتبنّى حركة النهضة خيار اقتصاد السوق الاجتماعي والتضامني ضمن مقاربة وطنية قائمة على مبدأ الحرية الاقتصادية وحرية التملك والإنتاج والإدارة من جهة والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص من جهة ثانية ..."

ثم ورد في فقرة بعنوان ' المنظومة القيمية للمنوال التنموي الجديد': " إرساء منظومة قيمية متكاملة تقوم على تفعيل جملة القيم الاجتماعية القائمة في المجتمع التونسي والمستندة إلى مخزونه الثقافي والحضاري وهويته العربية والإسلامية مثل مفهوم التكافل والعدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد وترشيد الاستهلاك والابتعاد عن سلوكيات التبذير وهدر الثروات ...".

ونلاحظ هنا اذن نقلا حرفيا للمبادئ الأوردو ليبيرالية الألمانية الغربية التي تبنّاها 'المسيحيون الديمقراطيون' هناك بعد الحرب العالمية الثانية وأثرت على ما يبدو حتى في تركيا باعتبار أن بعض أعلام هذه المدرسة ترك ألمانيا النازية في أواسط ثلاثينات القرن العشرين واستقر ودرس في الجامعة التركية.

من ناحية أخرى، تعرف الاوردوليبيرالية بدفاعها عن مبدأ اساسي على المستوى المالي هو مبدا 'استقلال البنك المركزي' عن الحكومة. والجميع يعرف حصول ذلك في تونس بموافقة النهضة يوم 11 أفريل 2016. واستقلال البنك المركزي في الاوردوليبيرالية يختلف عن خضوعه للحكومة في 'الليبيرالية الاجتماعية' ذات الطابع الكاينزي، وله انعكاسات قد تكون كبيرة ليس فقط على السياسة المالية و المصرفية و النقدية للحكومات بل كذلك على الاستقلال المالي للدول أصلا، خاصة عندما تكون ضعيفة مثل تونس ومرتبطة بالبنوك و الصناديق الدولية بحيث ان ما يطلب تحقيقه من حوكمة مالية بفضل استقلالية البنك قد تنسفه التبعية المالية ليس فقط للخارج بل وكذلك للدائنين المحليين من البنوك التجارية.

كما ان فكرة استقلال البنك المركزي الألمانية – والتي تم تبنيها أوروبيا فيما بعد داخل الاتحاد الأوروبي – قد تكون مرتبطة بالطابع المقاطعي - الفدرالي لألمانيا الغربية - وبوجود دول مختلفة في الاتحاد الأوروبي- في حين ان تونس هي 'دولة موحّدة' و'بسيطة' ولا يوجد بها سوى تقسيم اداري جهوي ومحلي لا علاقة له بالفيديرالية رغم وجود تصور جديد للعلاقة بين الجهات في القوانين التونسية الأخيرة يبقى على كل حال لا ينتاقض مع مركزية السلطة في الدولة التونسية.

ومن المهم الاشارة هنا كون استقلال البنك المركزي في اقتصاد رأسمالي تعني من ناحية تسجيل 'الاجماع' على القبول بالرأسمالية التي تم 'اختيارها' وتسليم المالية الى 'تكنوقراط' مالي بعيدا عن تأثير السياسيين تحديدا. وفي حالة مثل تونس قد يعني ذلك تسجيل 'الاجماع' على التبعية الاقتصادية وتحويله ذلك الى سياسة 'الأمر الواقع' غير القابل للتغيير، وتسليم المالية العمومية الى تكنوقراط لا قدرة له على مواجهة الضغوط المالية الدولية والمحلية وبالتالي حرمان أية قوة سياسية من تغيير السياسة المالية في اتجاه وطني بالاساليب الديمقراطية مهما حصلت على أغلبية انتخابية.

والمهم الآن وهنا ،حتى لا نضيع في التفاصيل ، هو تسجيل انتقال البديل الاقتصادي للنهضة من 'الاقتصاد الاسلامي اللارأسمالي واللاشيوعي' السابق الى القبول بالاقتصاد الرأسمالي في صيغته الاوردوليبيرالية الألمانية حاليا ، علما وأن الصيغة الألمانية كما قلنا تختلف حتى عن الليبيرالية الاجتماعية خاصة اذا طبقتها الاشتراكية الديمقراطية تحديدا و بما في ذلك في البلدان البروتستانتية -التي يذكرها الغنوشي - كأوروبا الاسكندينافية حيث يوجد خيار آخر مختلف عن الخيار الألماني حتى لا يقال ان ما ندافع عنه هو خيار استعماري آخر فرنسي أو أنجليزي وأننا جميعا ...' في الهمّ غرب ' .

ولكن السؤال الأساسي الذي قد يطرح هنا هو التالي: ما ضرّ لو اعتمدنا النموذج الألماني الغربي، أليست ألمانيا أقوى اقتصاديات أوروبا ومن أقوى اقتصاديات العالم؟

وللإجابة عن السؤال لا بدّ من الخروج من النظرية الاوردوليبيرالية العامة والاشارة الى الاوردوليبيرالية الاسلامية الخاصة ومن العودة من المانيا الى تونس.

3- مخاطر أوردوليبيرالية حزب النهضة الاسلامية في تونس :

ان الخطر الخاص للأوردوليبيرالية، اية أوردوليبيرالية كانت وفي اي بلد كان، يرتبط خاصة بأمرين: امكان ارتباطها بنزعة سياسية واجتماعية وثقافية محافظة بتعلّة فهم الاقتصاد 'كسوق وثقافة' بدل ارتباطها بنزعة ثقافية تحررية منفتحة انسانيا ، وامكان لعبها نفس دور الليبيرالية الجديدة المتطرفة خاصة اذا اعتمدت بديلا لتجربة سابقة تجسد شكلا من أشكال ' دولة الرفاه الاجتماعي' -حتى لو كانت 'ليبيرالية اجتماعية' على الطريقة الكاينزية - و ذلك خاصة في البلدان التابعة والفقيرة . والمشكلة أننا أمام الوضعيتين في نفس الوقت.

وفي تونس تحديدا، يمكن تلخيص مخاطر هذه الاوردوليبيرالية النهضوية في النقاط العشر التالية :

- أولا ، ان تونس كانت قبل ثورة 2011 أقرب الى نموذج دولة الرفاه الاجتماعي الليبيرالية – نسبيا على الأقل - بحيث كانت لها مكاسب في مستوى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية جسدتها أهمية الدولة بالقطاع العام وقطاع الوظيفة العمومية رغم تسلط بورقيبة واستبداد وفساد بن علي ، ولذلك لم يطالب الشعب في 2011 بتغيير منوال التنمية في اتجاه جذري اسلامي أو شيوعي أو قومي أو ليبيرالي متطرف (هنا نذكر بفشل 'حزب آفاق' كدليل مثلا ) بل طالب بتعديل المنوال الحالي عبر اصلاحات جذرية في خصوص الحق في الشغل و التوازن الجهوي خاصة. وان الاوردوليبيرالية بالتالي قد تهدد بالقضاء على هذه المكاسب باسم الاصلاحات الضرورية.

- ثانيا ، ان حزب النهضة حزب محافظ سياسيا واجتماعيا وثقافيا وتحالف و لا يزال يتحالف مع محافظين متطرفين (ائتلاف الكرامة الآن) وبه أجنحة (سياسية ودعوية) شديدة المحافظة وهذا ، سياسيا ، قد يفتح الباب على تضييقات على الحقوق والحريات السياسية يصل الى حد ما فعله الصادق شورو عندما طالب بتطبيق حدّ قطع الطريق على معتصمين يطالبون بحقهم في الشغل و التنمية الجهوية ويكاد يكرره بعض نواب ائتلاف الكرامة كلما وقعت نزاعات نقابية.

- ثالثا ، ان حزب النهضة وحلفاؤه ، باسم ربط السوق بالثقافة يمكنهم معالجة مسائل الحقوق و الحريات من منطلق اجتماعي و ثقافي محافظ مثل تبجيل الرجل على المرأة في معالجة مسألة البطالة أو التركيز على الزكاة والصدقة لمعالجة انعدام الحقوق (يؤكد ذلك محاولة بعث 'صندوق زكاة' السنة الماضية) أو فتح الباب على مصراعيه أمام الجمعيات المحافظة الداخلية والخارجية باسم الأنشطة الخيرية الاسلامية أو العمل على تقوية نوع من البنوك على حساب أخرى باسم تشجيع البنوك الاسلامية ،الخ.

- رابعا ، ان النهضة تفضل التعامل الآن مع قسم من النخبة السياسية الرسمية الأكثر فسادا (قلب تونس) أو الأكثر محافظة (ائتلاف الكرامة) وتعادي رئيس الجمهورية والتيار الديمقراطي وحركة الشعب و النواب المستقلين و تنظيمات اليسار الأقرب جميعها الى النزعة الوطنية الاجتماعية الديمقراطية.

- خامسا ، ان النهضة تتعامل مع قوى سياسية ونقابية معادية لاتحاد الشغل سواء بشكل مباشر أو غير مباشر وتسعى الى اضعافه بما في ذلك عبر خلق منظمات نقابية موازية مما يسهل اضعاف المقاومة النقابية لانحرافات الاوردوليبيرالية نحو شكل أكثر تطرفا من الليبيرالية.

- سادسا ، ان النهضة تفضل التعامل مع (أو تسكت عن) أكثر النخب المالية و الاقتصادية تهربا من مسؤولياتها المالية والضريبية في الوقت الذي يعاني منه اقتصاد البلاد من الاقتصاد الموازي بما يعني فتح الطريق ،عبر الاوردوليبيرالية، الى الاتجاه نحو اقصى ما يمكن من الليبيرالية حتى في أنشطة الاقتصاد المهيكلة والرسمية بدليل ما يطرح الآن من برامج خوصصة واعادة هيكلة وغيره من السياسات الاقتصادية.

- سابعا ، ان النهضة تربط نفسها اقليميا بدولة ريعية (هي قطر) لا هدف لها في تونس سوى شراء المؤسسات التونسية استثمارا لفوائضها المالية ، وبدولة تجارية (هي تركيا) لا هدف لها في تونس سوى دخول السوق الوطنية وهي التي تنتج ما تنتجه الصناعة التونسية من مواد نسيج ومواد غذائية وغيرها، اضافة الى كونها منافس كبير لتونس في السوق الليبية ،وهي بذلك ستفتح الباب على مصراعيه لتدمير ما بقي من مؤسسات خاصة وعمومية.

- ثامنا ، ان النهضة تربط نفسها دوليا بدول ومحاور (امريكا/بريطانيا) تتحكم في المؤسسات الدولية المانحة مثل البنك العالمي وصندوق النقد الدولي فلا تستطيع مقاومتها وحدها خاصة وهي التي لها مشاكل اقليمية ودولية ارتبطت بنزاعات اقليمية اضافة الى خطر ما يمكن أن يطلب منها في علاقة مع الجزائر ، وهي لذلك ببرامجها الاوردوليبيرالية ستساهم فعليا في المزيد من التبعية المالية و الاقتصادية للبلاد اضافة الى وضعها تحت خطر الوصاية الدولية المالية على الأقلّ.

- تاسعا ، ان النهضة ،وتحديدا المجموعة المسيطرة الآن داخلها ، تقصي أو تجمد وتهمش حتى قادتها الذين ينتقدون الانحرافات السياسية والتنظيمية والمالية مما يجعل المتنفّذين فيها ذوي علاقات غير عادية وسوف ينفذون باسم الاوردوليبيرالية ما يطلب منهم لحساب المتنفّذين الدوليين والداخليين الذين آخر ما يعنيهم نجاح تونس في سياستها الاقتصادية.

- وعاشرا ، ان النهضة ، وتحديدا المجموعة المسيطرة الآن داخلها ، بتبنيها الاوردوليبيرالية تنعزل شيئا فشيئا عن قاعدتها الفقيرة وعن عموم الجماهير الشعبية (كما يدل على ذلك خسارة حوالي مليون ناخب منذ 2011) مما يجعلها عائقا أمام اية مقاومة شعبية لمخاطر هذه السياسة الاقتصادية الجديدة التي قد تؤدي مستقبلا ، قد يكون قريبا بسبب أزمة كورونا ، الى أعنف الانفجارات الشعبية التي يبدو انه قد لا يستطيع أحد التحكم فيها بسبب فقدان الثقة في كل النخب السياسية.

خاتمة: 'الاسلام الديمقراطي' والاسلام الوطني الاجتماعي الديمقراطي

تونس ليست ألمانيا و 'الاسلام الديمقراطي' عند النهضة ليس المسيحية الديمقراطية الألمانية، ومن العبث الايهام بأنه بمجرّد تقليد الخطاب الأوردو ليبيرالي الألماني الغربي فانك ستحقق نفس النتيجة في تونس. ان ثروات ألمانيا الغربية الطبيعية والبشرية وتاريخها الصناعي والزراعي والتجاري الكبير منذ القرن التاسع عشر وموقعها المقابل وقتها لألمانيا الشرقية وباقي المعسكر الشرقي الذي مكنها من سند عبر 'مخطط مارشال' وعبر ايواء قواعد الحلف الأطلسي وغيره من العوامل التي من بينها نهضتها الاجتماعية والثقافية والسياسية منذ اصلاحات بيسمارك في 1871 وغير ذلك. ان هذه العوامل وغيرها مجتمعة تجعل المقارنة مع تونس لا معنى لها تماما. هذه اجابتنا عن السؤال المطروح أعلاه: " ما ضرّ لو اعتمدنا النموذج الألماني الغربي، أليست ألمانيا أقوى اقتصاديات أوروبا ومن أقوى اقتصاديات العالم؟ ".

ان التحول من 'الاسلام السياسي' الى 'الاسلام الديمقراطي ' في بلد مثل تونس وبالقيادة التي انتصرت الآن داخل النهضة وبالطريقة التي تدير بها الحزب والبلاد لن يؤدي الا الى الكوارث وربّما قريبا، وسيكون ذلك وبالا على الجميع بما في ذلك فقراء النهضة. وان خطر ردة الفعل بالعودة الى النزعة الاسلامية السياسية التقليدية داخل التنظيم وارد جدا من قبل قيادات وقواعد النهضة الذين، هؤلاء الأخيرين، ان لم يقوموا بذلك قد يذهبون الى تنظيمات أخرى أكثر محافظة سواء باتجاه ائتلاف الكرامة (مؤقتا) أو غيره. و لا يوجد اي أمل في أن تؤدي هذه الوضعية الى شيء ايجابي الا بحدوث تحول في الاتجاه المعاكس؛ في اتجاه 'اسلام ديمقراطي' نعم، ولكن وطني واجتماعي وتحرري أيضا يعيد توجيه البوصلة تماما باتجاه جديد باحثا عن المشاركة في ' كتلة تاريخية ' يكون هدفها تحقيق الجمهورية الاجتماعية الديمقراطية الجديدة التي تحتمي بأكثر ما يمكن من ابناء شعبها ونخبه السياسية الجديدة لتحمي نفسها من منحدر سنواتها العشر الأخيرة ومن محيطها الاقليمي والدولي المتقلب والخطر على مسار الانتقال التاريخي الذي تعرفه تونس منذ عقد.

ان الديمقراطية ، التي يحتاجها الاسلام السياسي فعلا كي يتطوّر ، لا يمكنها الآن في تونس أن تنجح ان ارتبطت بالأوردو ليبيرالية أو بالليبيرالية الجديدة الأكثر تطرّفا وبنزعة محافظة تسندها للتخفيف من الأضرار وبتنظيم كالذي وصفنا أعلاه ، انها تحتاج - في الحدّ الأدنى- الى سياسة ليبيرالية اجتماعية ولكن بنفس اجتماعي ديمقراطي تقدّمي جديد يعيد صياغة المشروع التاريخي التونسي عبر 'عقد اجتماعي جديد' يطالب به مثلا د.حكيم بن حمودة مهتديا بنفس ذهنية بيار روزنفالون في كتابه المعروف 'أزمة دولة الرعاية ' الصدر منذ 1981 ، سياسة تخرج عموم الشعب ، بمن فيهم فقراء الأحزاب و الحركات الاسلامية ، من آلامه وتبدأ في تحقيق آماله وآمال شبابه الثائر في بلد يوفر له كل الحقوق والحريات التي يحتاجها كل انسان في القرن الواحد والعشرين دون أن يفقد لا هويته و انسانيته، ولا سيادته و انفتاحه ، ولا حريته وتنظّمه في نفس الوقت و الاّ فقد تكون فوضى الخراب الانسحاقي .


أهم المراجع:

1- راشد الغنوشي ،مقالات ، طبعة 2، مطبعة تونس قرطاج ، تونس،1988.

2- راشد الغنوشي، من تجربة الحركة الاسلامية في تونس، دار المجتهد،تونس،2011.

3- راشد الغنوشي وأوليفيي رافانيللو
Entretiens d’Oliveir Rvanello avec Rached Ghannouchi: Au sujet de l'Islam , Plon ,Paris, 2015 .

4- لوائح المؤتمر العاشر لحركة النهضة ،2016. http://www.ennahdha.tn/%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%88%D8%A7%D8…

5- الأوردوليبيرالية ( ويكيبيديا بالفرنسية ) https://fr.wikipedia.org/wiki/Ordolib%C3%A9ralisme

6- ايريك دوهاي ( بالفرنسية) ، التبرير الأوردوليبيرالي لاستقلال البنوك المركزية. Eric Dehay, La justification ordo-libérale de l'indépendance des banques centrales, Revue française d'économie , Année 1995 (10-1) , pp. 27-53 https://www.persee.fr/doc/rfeco_0769-0479_1995_num_10_1_971

7- حكيم بن حمّودة، ديمقراطية اجتماعية أم ثورة محافظة؟، نيرفانا ، تونس،2020.

8- بيار روزنفالّون ، أزمة دولة الرّعاية (بالفرنسية) :انظر خاصة الفصل الثالث الأخير. Pierre Rosanvallon , La crise de l’Etat-providence, Seuil, Paris, 1981, pp.109-138.

9- رابط يوتيوب حول تصريح ر.الغنوشي حول الفقر والغنى في الإسلام https://youtu.be/mznr5lPKFXU

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات