وقاحة "القديمة" حاكمة أو معارضة ..

Photo

فرغتُ منذ حين من قراءة مقال جديد للوزير النوفمبري السابق و الرئيس الاسبق للمعهد الرئاسي للدراسات الصادق شعبان يبدي فيه رأيه حول ضرورة تغيير النظام السياسي في اتجاه "الرئاسي" و استعادة "قوة الدولة" في علاقة بالمجتمع و تعدديته السياسية .و هي المضاغة التي يلتقي في علكها الآن كل أجنحة القديم "الحاكم" أو المعارض أو "الراكش في الأجهزة العميقة" لدولتهم التي استعادوها.

الغريب حقا هو هذه الوقاحة الفكرية و العناد التاريخي لأركان النظام القديم البورقينوفمبري ممن عادوا الى النطق غداة احتقان 2013 و انتخابات 2014 بعد صمتهم التكتيكي في "مرحلة السفساري" .

لم نسمع من أحد منهم شجاعة الاعتراف بحجم التخلف الذي كانت تعيشه البلاد اجتماعيا و اقتصاديا و سياسيا بشكل مكتوم ما أدى الى "ثورة" 2011 التي كشفت أن "دولة الاستقلال و التغيير" لم تكن أكثر من "نظام قوي" بأرجل من "طين" كغيرها من دول التسلط و التبعية للنظم الرسمية العربية "القوية" ممن تقبع مجتمعاتها"الضعيفة" في ذيل الترتيب الدولي لنسب النمو و السعادة و الرفاه .

جوهر ثرثرة السيد صادق شعبان(قيادي المعارضة القديمة "المشروع" لحكم القديمة"النداء") أن أزمة الأداء في الحكم الحالي هي طبيعة النظام السياسي في اشارات ضمنية تحن الى "المركزة" و خرافة "الدولة" و هيبتها التي لا يضمنها في تقديره شبه المعلن إلا نظام رئاسي يقطع مع "فوضى الحرية و التعددية" التي سببها النظام البرلماني بعد الثورة و قد يعمقها بطبيعة الحال "الحكم المحلي" الذي أقره دستور الثورة .

لتأكيد أطروحته يلوي الوزير و الاستراتيجي السابق للنظام عنق الحقائق ليعتبر أن "النظام السياسي" (المغلق في تقديرنا و القوي في تحليله) في العهدين البورقيبي و النوفمبري قد حقق المطلوب حيث كان "الانجاز الاجتماعي" في عهد بورقيبة و "الانجاز الاقتصادي" في عهد بن علي بفضل تمركز النظام و قوة الدولة .

تحاليل أركان النظام القديم تقوم باستمرار على هذه المغالطة المزدوجة:

الانطلاق من حالة الضيق و القلق الشعبي من غياب "الانجاز " بعد الثورة لرد العجز الى "الجديد" أي توزيع الحكم فتصبح بذلك "الثورة" بجميع مخرجاتها هي موضع الادانة بما في ذلك منتوجها الرئيسي أي الديمقراطية و الدستور الجديد لا ارث "القديم" و ممانعة الفساد و التسلط العميق المعطل للتقدم وتردد الجديد و ضعفه أمام القديم الذي عاد بنفس آالياته.

سردية اركان النظام القديم تتهاوى سريعا بمجرد تقييم موضوعي لحقيقة "المنجز الاجتماعي و الاقتصادي" للدولة البورقيبونوفمبرية حين كان الحكم رئاسيا ممركزا لا يعترض سبيل انجازاته أحد .

هذا التقييم في الحقيقة كشفته "الثورة" حين تبينت كذبة التنمية و التحديث التي لم يكن أركان هذا القديم قادرين على مواصلة تصديع رؤوسنا بها لو تمكنت النخب الجديدة من كشف حساب منظومة الفساد و الاستبداد التي تهاوت في شهر واحد مثل حائط خائخ .

ان سردية اختزال الازمة في "النظام السياسي" لن تصمد أيضا بمجرد القول أن منظومة 2014 (و هي القديم المرسكل ) تحكم بشكل ممركز منذ 3 سنوات و تحتكر الرئاسات الثلاثة للحكم الموزع نظريا دون أن يعترض سبيلها أحد لو كانت تستطيع ان تنجز .

ان الفشل الحالي اذن ليس دليلا على خظيئة الثورة و الانتقال و دستورهما بل هو تأكيد على ان القديم لن ينتج إلا الازمة ايا كانت صور رسكلته و عودته.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات