دولة حمد بن صالح ودولة ليلى بن علي ... في تيه دولة الثورة..

Photo

حمد(بسكون الحاء وكسر الميم )هكذا يسميه اباؤنا واجدادنا باحترام

لا أدرى من يشير على رئيس الجمهورية قيس سعيد ولكنني سأعتبر ان الرجل قد ضيع لحظة تاريخية فارقة من اجل حركة رمزية تضع دولة التونسيين من جديد في مدار هويتها الحقيقية كما حلم بها اجيال الاستقلال دولة وطنية ومكسبا مفترضا في النصف الثاني من القرن العشرين.. قرن الاستقلالات الوطنية وحق الشعوب في تقرير مصيرها وبداية مشاريع التنمية والبناء الوطني المستقل.

تقول الحكاية ان بن علي لما استقبل بن صالح اوائل أشهر النوفمبرية سأله ان كان قد تذكره فقد كان تلميذا عنده في احد معاهد الساحل فأجابه بن صالح بالنفي و اضاف انه لو كنت تلميذا مميزا لتذكرتك ليبدا بعدها منفاه الاختياري ثانية.

اذا كان لابد من رمز حقيقي للدولة الوطنية التي يزعم البعض الدفاع عنها في مواجهة " الربيع " و " الثورات " فلن يكون الا احمد بن صالح عنوان المشروع الوطني الوحيد الذي تبنته دولة الاستقلال قبل ان تتحول الى ازماتها الدورية اقتصاديا و اجتماعيا و سياسيا لتصبح مشاريعها مجرد خيارات مفروضة منذ محاولات اللبرلة المزعومة وطنية وصولا الى " الاصلاحات " الهيكلية المملاة اواخر الثمانينات حتى تحول " الدولة الوطنية " الى منظومة فساد و استبداد مافيوزية اجهزت نهائيا على ما تبقى من مكاسب بنيت في السنوات القصيرة للبنصالحية و التي ظلت الدولة الوطنية المزعومة تمتصها حتى العظم منذ تحولها الى " نظام حكم مأزوم و تابع " بلا مشاريع وطنية .

بن صالح و مشروعه و نهايته الاليمة اخر الستينات هي بالضبط بداية الخيبات في مشاريع دول الاستقلال الوطني اوائل الخمسينات في " العالم الثالث " و بداية نشأة النظم الاستبدادية التابعة و المرتهنة و مشاريع تعميق ارتباط الاطراف بالمركز الامبريالي بعد تصفية الطبقة الحاكمة لدول الاستقلال من اجنحتها الوطنية و تولية الاجنحة العميلة و نخب الارتهان …حين انكسرت تجربة بن صالح لأسباب عديدة كانت عندها تجارب بناء وطني اخرى تلفظ انفاسها الاخيرة او تستعد لذلك في مصر و افريقيا و شرق اسيا و حتى في امريكا اللاتينية ليتولى جناح الارتهان قيادة " دول الاستقلال " بعد تصفية رفاق الحلم الوطني .

الرئيس قيس سعيد وهو بعد المرزوقي الرئيس الثاني من خارج " نظام الانقلاب على الدولة الوطنية / دولة حمد بن صالح " اي انه الرئيس الثاني كثمرة لحدث 14/17 الذي جاء اساسا لإعادة الدولة الوطنية الى مدارها وهويتها الاصلية. لو كنت مكان المشيرين عليه لجعلت جنازة سيداحمد جنازة وطنية يستعيد فيها " الجديد" مكسب وارث الدولة الوطنية من ادعياء الانتساب اليه من " زغراطي وازلام النوفمبرية " أرقي مراحل الانقلاب على الدولة الوطنية منذ ازاحة بن صالح …

السيستام المتصدع الذي بلع لسانه بجميع اذرعه النخبوية و الاعلامية و السياسية و نظامه العميق و لوبيات اقتصاده الريعي لا يريد جنازة دولة لأحمد بن صالح لان هيمنتهم المستمرة على مراكز القرار و النفوذ هدفها ان تبقى الدولة دولة ليلى بن علي لا ان تعود من جديد دولة بن صالح …ذاك هو الصراع العميق داخل الدولة و المجتمع منذ السبعينات و هو ما فشل في فرضه حدث ديسمبري : من هي الدولة الوطنية دولة بن صالح ام دولة المافيوز …

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات