الياس الفخفاخ بين النهضة والاتحاد: ترتيب الخروج أم ترتيب الاستمرار؟

Photo

من الناحية السياسية / الاعلامية والاخلاقية تبدو صفحة رئيس الحكومة الياس الفخفاخ قد طويت ولكن من الناحية الاجرائية واكراهات الواقع المعقد فلا شيء يمنع استمرار رئيس الحكومة بترتيبات وأثمان ستغير بالضرورة رؤيته وتجبره على الاذعان الى ما ظل يرفضه سابقا (التوسيع) وهذا مستبعد بحسب ما يعرف عن طبيعة الرجل العنيدة.

ان يستمر وضع الحكومة على ما هو عليه بالمكونات الحالية مع دعم سياسي اكبر و تسويغ اخلاقي من النهضة و الاتحاد دون ان يفرض على الفخفاخ ترتيب اخر يبدو امرا مستحيلا ما لم يكن هناك ثمن اكبر يدفعه الفخفاخ و لكن القوتين الاساسيتين ستتحملان في هذه الامكانية عبئا اخلاقيا كبيرا و ستكون الحكومة قوية سياسيا لكنها ضعيفة المصداقية شعبيا في شعارها الاساسي وهو الاصلاح و مقاومة الفساد و قد كان هذا السيناريو ( الاستمرار تحت الرعاية ) ممكنا منذ يوم الجلسة العامة و لكنه اصبح من الفرضيات الضعيفة بعد افادات شوقي الطبيب في اجتماع اللجنة البرلمانية يوم امس .

استمرار الفخفاخ محاربا منفردا مع فريقه الحكومي المقرب ونواته الصغرى رافضا الاستقالة ومنتظرا حكم القضاء دون تنازلات يبدو خيارا عبثيا لن يجد فيه دعما من أقرب حلفائه في الائتلاف الحالي (التيار والشعب) ولن تقبل النهضة بهذا الخيار لتتجه نحو سحب وزرائها والمرور ربما الى سحب الثقة وإذا حصل ذلك سيكون الفخفاخ مضطرا للاستقالة حتى يبقي العهدة في يد قرطاج.

عودة العهدة الى رئيس الجمهورية ستجعل المسؤولية ثقيلة على اكتاف الرجل حيث سيكون مضطرا الى اختيار اسم قادر على تشكيل الحكومة و على ان يكون قويا و قادرا على الانجاز لأنه سيحسب على قرطاج و لكن المتوقع ان تصوت له كل الكتل البرلمانية حتى لو وقع اختيار قيس سعيد قصدا على شخصية لا تحصل اجماعا ليمر الى حل البرلمان و بهذا الشكل سيصوت برلمان لا يريد ان ينحل على رئيس حكومة لا يريد له احد ان ينجح ليحسب ضعفه و فشله على قرطاج الا اذا تحلت القوى السياسية المتشظية بروح المسؤولية الوطنية من اجل حكومة انجاز و نجاح و بنفس القيم التي تأسست عليها حكومة الفخفاخ تجنبا للمجهول و الغضب الشعبي و حفاظا على الامل و تحصينا لآخر ما تبقى من مصداقية لدى طبقة سياسية اهتزت ثقة الناس فيها .

لاشك ان ملف تضارب المصالح لم يصب الفخفاخ و حكومته فقط في مقتل بل انه اصاب كل القوى الوطنية الاصلاحية و المقاومة للفساد بطعنة حادة في امالها و انتظاراتها و لهذا و دون وقوع في التبرير للفخفاخ و رفاقه لابد من التأكيد على يقيننا بأن مهندسي ازمة تضارب المصالح تماما مثل ازمة التدخل الامني في تطاوين هم اخطبوط الغرفة الجريحة و العائدة الى ترتيب المشهد بقوة بعد ان ظننا اننا انتصرنا عليها حين حررنا التفاوض السياسي على مصيرنا الوطني من قبضتها و جعلناه تفاوضا فوق الارض و تحت الشمس و فرضنا تأويلا ثوريا لمخرجات انتخابات 2019 لنعيد سياقات زخم 2011 .

تحركت الغرفة في التوقيت المناسب و لكنها ما كان يمكن ان تنجح لولا ما توفر من أخطاء الائتلاف الحاكم برئيسه و احزابه الذين اهدروا ثمرة ما انجزناه و فرضناه من قيم و امال منذ مبادرتنا الاولى وصولا الى تداركنا لمخرجات المبادرة بوضعها على ذمة قرطاج وصولا الى اختيار الياس الفخفاخ .الاخطاء الغبية و القاتلة و التقديرات الحمقاء يضاف اليها قدرة الغرفة على الاختراقات الماهرة ..تلك كلها عوامل مجتمعة تنتهي بنا الى اهدار فرص تسويات وطنية بشروط الثورة و الانتقال لنعود الى مربع الشراكة مع غرف الفساد و الافساد و لله الامر من قبل و من بعد ....

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات