حكومة الاكراه الشعبي ..

Photo

يلتقي وفد التفاوض النهضاوي مع قيادات حركة الشعب بعد ان التقى التيار الديمقراطي مع " رئيس مونبليزير" في اول محادثات رسمية على الطريق العسير للتشكيل الحكومي .

لم تتغير مواقف الاطراف المعنية بل ترسخت بعد ان وثقتها " مؤسسات القرار " .شورى النهضة اكدت تمسك الحركة " بحقها الدستوري " في ترؤس الحكومة و كلفت وفدها المفاوض بعرض مسودة الارضية البرنامجية للحكومة و في سياق مشابه اقر المجلس الوطني للتيار شروط الحزب الثلاثة : صياغة البرنامج و تكليف مستقل برئاسة الحكومة و منح التيار الحقائب الثلاثة التي يراها مدخلا لانفاذ سياسته في الاصلاح و مقاومة الفساد .و بباب موارب بين الصرامة و المرونة التفاوضية حسمت توصيات المجلس الوطني لحركة الشعب مقترحها المركزي لتشكيل " حكومة الرئيس " كناية مجازية على حكومة فوق حزبية مدعومة بالاحزاب برنامجا و شخوصا تلتقي على برنامج مفصل و تستفيد من الرعاية الرمزية لاكبر الشرعيات الانتخابية و الدستورية و الشعبية ممثلة في ساكن قرطاج الجديد الرئيس قيس سعيد .

في مقاربة اولية لمقترحات اقطاب التمترس الثلاثة تبدو نقطة صياغة برنامج تفصيلي للحكومة القادمة هي النقطة الوحيدة الجامعة بين الاحزاب الثلاثة في حين تبدو المعجزة " الالاهية " وحدها هي القادرة على حلحلة التباين الجوهري بين الثلاثي حول رئاسة الحكومة و طبيعتها .

حركة النهضة التي لا تكف عن التذكير بحقها الدستوري و واجبها في تحمل مسؤولية رئاسة الحكومة وجهت تعميما داخليا لانصارها منذ ايام يدعوهم الى " التخفيف " من " شراسة التعبئة " في الدفاع على هذا الحق و الواجب و مواجهة ما راه بعض قيادييها " ابتزازا " للحركة من " الديمقراطي " و " الشعب " .و اذا صح هذا التعميم فهو لا يخرج عن احساس النهضة بالصعوبة السياسية في تشكيل حكومة برئاستها دون ان تجازف بتشكيل يجعل هذه الحكومة ضعيفة الحزام حتى لو نالت مصادقة البرلمان .

راشد الغنوشي الذي حسم امر " حقه " في ترؤس الحكومة كما يقتضيه النظام الداخلي للحركة يجمع الان في يده مصير المفاوضات و " طبيعة الحكومة القادمة " و يسطر من خلال هذا " التملك الرمزي " خطوط التنازل على هذا الحق لشركائه السياسيين من خارج الحركة لا من داخلها مبدئيا . الاشتغال الدائم للرجل منذ سنوات على استحضار " الاكراهات " قد يجعله مرة اخرى وفيا لاسلوبه في حسن ادارة " التنازلات " اذا ادرك مقتضيات المرحلة و وضع الحركة بين مقتضيات " الدولة " و متطلبات الاقليم .

و لن يكون مستبعدا ان " يسدد الشيخ و يقارب " لينجز " التسوية الاخرى " على قاعدة توازن " الغرم مع الغنم " لتشكيل حكومة " المشاركة الواسعة " بحزامها السياسي الرمزي المحترم الذي لن يكون دون " الديمقراطي " و " الشعب " و بمباركة من المنظمات الكبرى و بتلبية انتظارات شعبية متحفزة الى " حكومة وحدة وطنية للانجاز " تتناغم مع منسوب الامل الكبير المعقود على رئيس جمهورية تجمعت حوله شرعية انتخابية شعبية فارقة و دافعة الى " جديد ناجز " و غير متردد في انفاذ " اهداف الثورة و الانتقال الديمقراطي و الاجتماعي و الاقتصادي " .

" الديمقراطي " و " الشعب " يتمترسان بنصف راحة و نصف قلق في جبهة " الاعتماد " على سردية " الاحتراز " من " صحيفة سوابق النهضة " مع قديمة " فاسدة " و يصران على رفض التبريرات التي تقدمها النهضة لسياسة توافقها السابق مع " القديم العائد في 2014 " و يقويان " شرعية " هذا الاحتراز و الرفض بالتشكيك " التكتيكي " في الانحياز الجديد للنهضة الى " الثورة " و " الانتقال الديمقراطي " عبر ترفيع مزاج " التحسيس " بالمظلومية من وضعية " تفاوض " تريده النهضة حسب تعبير الحزبين تحت " القصف الممنهج " لما اصبح يعرف بالاذرع الاعلامية الافتراضية لمونبليزير .

يدرك الحزبان جيدا حاجة النهضة سياسيا لهما بقطع النظر عن الاوزان الانتخابية للجميع و هي اوزان ضعف لا قوة .كما يدركان جيدا قدرتهما على " الاستثمار الوظيفي " في الخوف التقليدي للنخبة من " عودة الهيمنة النهضاوية " بما يجعلهما القاطرة المفترضة لكل معارضة احتجاجية منظماتية و شعبية في صورة اقدام " النهضة " على الوقوع في " فخ مغامرة تشكيل حكومتها " وحدها او بمجرد اسناد غير قوي رمزيا من مقربيها و اسناد " مخاتل " من خصومها .

يفهم الحزبان ان سكوت ساكن قرطاج الجديد عن التفصيل " الدستوري " في طبيعة الحكومة القادمة يقابله " رغبة " في ان يرى " قصبة " تضم حكومة " وحدة وطنية " بعيدا " عن المحاصصة الحزبية " كما تردد البلاغات الاعلامية لقرطاج بعد كل لقاء بالاحزاب و الفاعلين الممثلين في البرلمان التي اصر الرئيس الجديد على مقابلتها جميعا بقطع النظر عن الاحجام .

نصف الراحة المذكور اعلاه لا يغيب على حزبي التيار و الشعب الاحساس بنصف القلق الذي قد يثيره الاستمرار في ظهورهما بهذا " التصلب المعارض " الذي لا يستسيغه " رأي عام " تبدو ذاكرته مثقلة بالامتعاض من "معارضة عدمية " انتهت الى مجرد رافد وظيفي لقديم رافض للاصلاح و قادر على استثمارها في " ابتزاز " النهضة باعتبارها الحزب الاكبر الذي لا يمكن انجاز الاصلاحات بدونها و يكون تأبيد السائد اسلم الطرق عبرها .

لا يغيب عن " الديمقراطي " و " الشعب " رغبة عموم التونسيين في استثمار منسوب الامل الذي رفعته " الهبة الانتخابية " و نجاحها في وضع رئيس " نظيف " منحاز للشعب في قرطاج . يترجم عموم التونسيين هذه الرغبة في التمني على الطبقة السياسية " الجديدة " -التي خذلها التعثر بعد 2011 و " هزمها " صندوق 2014 - ..التمني عليها في ان تستثمر في " انتصار " 2019 عبر وضع اليد في اليد و مغادرة مربع الاستقطابات بالاسراع بتشكيل " حكومة الانجاز الوطني للامل " …

يدرك " الحزبان " ان المزاج الشعبي قد يغضب من " تمنعهما " غير المبرر من " المشاركة " و لن يتفهم كثيرا تفاصيل اسباب هذا " التمنع " خصوصا اذا اعتمدت النهضة " اسلوب اقامة الحجة " عبر نشر عناوين البرنامج / الارضية و تفاصيل " المفاوضات " .

نصف القلق هذا هو العامل الرئيسي الذي سيدفع "التيار" و "الشعب" لمغادرة تمترسهما الراهن للالتقاء في وسط طريق يبدو ان " شيخ مونبليزير " يستعد لرسم نقطته في سياق وعيه ايضا بما يحيطه من " اكراهات " …مفاوضات " الكيلومتر 101 " يعرفها عروبيو حركة الشعب و يمكن ان يعرفها عبو و لاشك ان النهضة بينهما بين معرفة و اعتراف .

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات