إسقاط المنظومة"...او "اسقاط النظام"؟..او أفيون اليسار…

Photo

هناك جماعة رافعة لشعار "إسقاط النظام "...وآخرين "إسقاط المنظومة"... هاذين الشعارين لا يختلفان سوى في النطق...وهما...أجوفين...وثورجين... فلما رفعناهم قبل الثورة كنا نقصد نظام الحكم الفردي المستبد الذي يتحكم في كل أجهزة الدولة...ويمنع ممارسة الحريات...كل الحريات…

اما بعد مرور ثمانية سنوات عن الثورة...فقد تحقق للشعب التونسي مكاسب عديدة...ومؤسسات جديدة...ضمنها دستور ديمقراطي جديد...اسس لنظام جديد...مازال الصراع قائما بين من يناضلون من أجل تفعيله وتطبيقه.. وبين من يعملون على عرقلته وحتى تغييره لإعادة إرساء الحكم الفردي…

هاذين الشعارين أجوفين...فعلى اي نظام أو منظومة يتكلمون؟ ان كان "النظام" او "المنظومة" في العام..فهو كلام هلامي... اما ان كان "نظام" او "منظومة الحكم"..فهو أيضا كلام هلامي..

لأن الحكم اليوم في تونس بمقتضى الدستور الديمقراطي الجديد موزع على هياكل مختلفة بيد كل منها جزء منه: رئاسة دولة...حكومة...مجلس نواب...سلطة قضائية...هيئات دستورية و هيئات تعديلية...مجالس بلدية منتخبة...وهياكل لم تنتخب بعد مثل المحكمة الدستورية والمجالس الجهوية...الخ..
وحتى جهاز الجيش الوطني وجهاز الأمن الوطني...تابعين للنظام او منظومة الحكم…

اما ان كان أصحاب هاذين الشعارين... يقصدون به السلطة التنفيذية برأسيها فقط، أو السلطتين التنفيذية والتشريعية، فعليهم ان يسموا الأسماء بمسمياتها...ويطالبون مثلا باسقاط الحكومة او الحكومة والرئاسة، أو الرئاسة والحكومة ومجلس النواب... وهي في هذه الحالة شعارات ثورجية...أيضا…

لأن إسقاط "النظام" أو "المنظومة"...ان قصدوا به السلطات المذكوروة...فكان عليهم ان يطالبوا بانتخابات سابقة لأوانها...او انتظار انتخابات هذه السنة بعد أشهر لإسقاطها سلميا...بالتداول السلمي على السلطة.. او ان يقولوا للناس انهم...هم...سيتولون قيادة ثورة شعبية على السلطتين التنفيذية والتشريعية...بما يعني انهم سيوقفون العمل بالدستور بالتبعية... ويقولون للشعب أنهم قادرون على ذلك...ولهم القوة المادية لذلك...والشعب سيكون ورائهم... ولا يخفى على الجميع...انه في هذه الحالة سيجدون أنفسهم أمام كل منظومة الحكم...بأجهزتها المختلفة المنبثقة عن الدستور...والمذكورة أعلاه…

وهو شعار ثورجي كذلك....لان السياسة بنتائجها ويحددها دائما ميزان القوى...وهو مادي وميداني...ولا خرافي...وهرطقة ... وكذلك وهذا مهم جدا جدا...ومفصلي بالنسبة لمن يدعي الانتماء لليسار…

فإن هؤلاء لا يحترمون المكاسب التي تحققت بعد الثورة بفضل عقود من النضال ضد الاستبداد...وتضحيات جسام...ومئات الشهداء والجرحى...بل يحتقرونها...ولولاها لما كانوا قادرين اليوم على ممارسة حقوقهم وحرياتهم العامة كما يفعلونه يوميا...ولما كانوا قادرين على تكوين الأحزاب والجمعيات والمشاركة في الإنتخابات...وتنظيم الاجتماعات في القاعات...والمظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات في الطريق العام...وإصدار النشريات والولوج للانترنات بدون صنصرة ومنع....الخ ...والقائمة لا تزال طويلة...للدفاع عن آراءهم وحقوقهم....

هؤلاء الذين يدعون الانتماء لليسار...لا يفقهون في مفهوم النظام او المنظومة فقط...بل هم ايضا يحتقرون المكاسب التي فرضتها النضالات والحال أنهم يستغلونها يوميا...ولا يهمهم النضال من أجل المراكمة عليها لإحداث النقلة النوعية...وهي أبجديات بالنسبة لكل يساري…

ملخر...هؤلاء هم أفيون اليسار....والحليف الموضوعي بدون أن يدرون...للرجعية الزاحفة...بسبب تشتت اليسار...وانعزالية من نصبو انفسهم قيادات له..

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات