سعيّد يدشّن حملة انتخابات برلمان البناء القاعدي : مسار تدمير الديمقراطية

ردّا على تصاعد الحديث عن مشاريع جاهزة لإزاحته، وعن قرب حدوث انفجار اجتماعي يسقط منظومته، وعن "ضغوط" خارجية تطالبه بالتوقف عن تنفيذ مشروعه القاعدي الشعبوي والعودة إلى الديمقراطية "العادية"... قيس سعيّد يعود بقوة ويصعّد نسق تنفيذ مشروعه.. رغم أنف الجميع.. الجميع.

جولة انتخابية في مستشفى الرابطة.. ردد فيها عشرين مرة حق الشعب في صحة عمومية (لم يقل مجانية) يتمتع فيها الفقراء بنفس الخدمات التي تقدمها المصحات الخاصة. طوال الزيارة الشعبوية الانتخابية ظل يكرر تمسكه بالصحة العمومية أمام طبيب متخصص في القلب أنا متأكد أنه يعيش بفضل عمله في المصحات الخاصة.. وأنه كان مضطرا لمجاراة سعيّد في الثرثرة.

ثم هاجم اللوبيات التي منعت تمويل مشروع مدينته الصحية الفرعونية الخيالية الموعودة.. وها هو يعترف نصف اعتراف بأنها صارت من الماضي.

في بني خيار أنجز فصلا آخر نوعيا في حملته الانتخابية.. أشرف على الانطلاق في تنفيذ مشروع الشركات الأهلية (قبل صدور القوانين المنظمة لهذه الشركات). " الشركة الأهلية المحلية للتصرف في مجموعة أراضي بني خيار".

اسم الشركة لوحده مسخرة.. بأي حق يتصرف مساهمون دون غيرهم في غابات بني خيار مثلا؟ وبأي حق يتصرف متساكنو بني خيار في أراض لكل مواطن تونسي حق فيها؟..الخ.

واضح اذن أن سعيّد يدشّن حملة انتخابات برلمان البناء القاعدي القادم رغما عن كل مؤشرات الانسداد السياسي التي يشعلها في وجهه الواقع. تكلم كثيرا كما لم يتكلم منذ مدة طويلة. كل تركيزه كان حول "اللوبي الواحد" الذي يعرقل مشروعه السياسي الجديد الذي يصرّ أنه سينجح وسيتخذه العالم نموذجا للإحتذاء.

سعيّد يدخل منعرجا حاسما في ترسيخ حكمه الشعبوي في بيئة تونسية مائعة سياسيا.. وفي ظرف عالمي استثنائي جدا :

يعتبر أن كل معارضي مشروعه الشعبي/الاشتراكي/السيادي يحركهم "لوبي واحد". جبهة الخلاص والنهضة وعبير موسي وأحزاب التنسيقية.. واتحاد الشغل المتردد.. وكل من يؤمن بالديمقراطية الليبرالية الحزبية يشتغلون عند لوبي يشرف على الاحتكار الآن لتجويع الناس وتحريضهم على إسقاط سعيّد.

الحقيقة رؤية سعيّد رغم اختزاليتها ليست خاطئة تماما. من ينظر إلى ما تفعله عبير موسي من تصعيد ضد سعيّد، وما يكتبه شعبان وجماعته، وما كتبه البرلمانيّان الأمريكيان مؤخرا حول ضرورة وقف مسار تدمير الديمقراطية الذي يسير فيه سعيد، من يتأمل كل هذا يستنتج أن كل معارضي سعيد يقفون على أرض واحدة رغم تناقض خلفياتهم جوهريا.

مؤدّى كل هذا.. سعيّد يتقدم شبه مطمئن في ساحة سياسية فارغة رغم سريالية مشروعه.. ورغم الأزمة الاقتصادية التي تستعملها دوائر المال لترويضه وتعديل سرياليته.

السياق العالمي مناسب جدا لاستمرار سعيد:

أمريكا تعيش انقساما سياسيا داخليا عميقا بين ترامب العائد بإصرار والمؤسسة التي تصرّ على إخراجه نهائيا من المشهد. صراع يهدد الديمقراطية الأمريكية فعلا.

فرنسا وأوروبا كلها تعيش أزمة وجود الآن في ظل توقف الغاز الروسي ومواجهتها لتوقف الحياة خلال الشتاء القادم قريبا، وفي ظل شبح التهديد النووي الروسي.

الجزائر تتنفس مستفيدة من حاجة أوروبا للغاز.. وتستغل ذلك لمزيد التحكم في المشهد التونسي ودعم سعيّد.

باختصار.. لازمها قاضي فاس...

وتبا.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات