الحزب الدستوري من خلال أرقام الزرقوني..

لم ننس بطبيعة الحال ذلك الشعار الذي رفع في ثورة 17-14 "يسقط جلاد الشعب، يسقط حزب الدستور"، وإذ يبدو ذلك الزمن بعيدا، فإن محاولات الرفع من شأنه شعبيا بالأسبار هي محاولات تكشفها تلك الأسبار نفسها كما يعريها الواقع.

والحقيقة أني لم أعلق منذ مدة طويلة على الأسبار التي تقوم بها سيغما كونساي، اعتقادا مني أنها غير جديرة بالثقة. فالمعذرة على العودة إليها. من خلال السبر الأخير لشهر نوفمبر 2021، يحتل الحزب الدستوري 38.8% ومع أننا لا نعرف منه إلا عبير موسي فهي لا تحظى بالثقة إلا بنسبة 18%، بمعنى أن أكثر من نصف الذين سيصوتون للحزب لا يثقون بها، وأما ناخبوها فهم فقط في حدود 3.7%، أي أن تسعة أعشار من سيصوتون لحزبها لن يصوتوا لها. كيف نفسر ذلك؟ واضح أن هذه الأرقام موجهة إلى قيس سعيد ومن معه لطمأنته من هذا الجانب، ولا يجب عليه بالتالي أن يستشعر الخطر من جهة عبير ولا الحزب الدستوري.

علما وأن قيس سعيد يحظى حسب نفس سبر الآراء بثقة 66% من المستجوبين، وسيصوت له 88%، فكيف يحصل أن 22% لا يثقون فيه ويصوتون له إن لم يكن الهدف هو طمأنته؟ وحتى الصافي سعيد الذي يحظى بثقة 18% فإن الذين سيصوتون له هم 1.2% فقط وهو في وضعية أفضل من عبد اللطيف المكي الذي يحظى بثقة 20% ولا يصوت له أحد منهم، تصوروا ذلك. هذه الأرقام المتضاربة كيف نفسرها إن لم يكن بعدم جدارتها بالثقة؟

ميدانيا الحزب الدستوري، ليس حتى بالقوة التي يريد سبر الآراء أن يظهره عليها، ومظاهرته بالقصبة يوم 20 نوفمبر تدل على ذلك، حتى أن وزارة الداخلية قدرت عدد المشاركين فيها بألف، ومما يدل على ضعف عدد المشاركين استمرار حركة المرور للعربات والمترجلين في الطرقات المجاورة، وللمقارنة فقط فإن مظاهرة باردو يوم الأحد 14 نوفمبر التي دعا لها مواطنون ضد الانقلاب، كانت بكل المقاييس أضخم وأكثر رعبا للمنظومة الحاكمة وهو ما تعكسه صور "الأسلحة البيضاء" التي تحدث عنها بلاغ وزارة الداخلية والتي لا تعدو أن تكون أغراض زينة في معظمها.

بالعودة إلى سبر الزرقوني، لم يتم التوقف عند ارتفاع نسبة الذين لم يدلوا بنواياهم في التصويت للتشريعية والتي تبلغ 71.3%، والتي تعني أن الذين أدلوا بآرائهم هم 28.7% أي 262 شخصا فقط من مجموع 914 مستوجبا. وحينئذ فالسؤال الذي يطرح نفسه: هل أن هذا العدد الضئيل الذي لا يتجاوز 262 مستوجبا يمكن اعتماده لمعرفة آراء التونسيين علميا أو الوثوق بنتائجه سياسيا؟

وإذا كان مجموع من أدلوا بنواياهم التصويتية هم 262، فإن نسبة 38.8% منهم الذين سيصوتون للحزب الدستوري لا تتجاوز 101 فقط من مجموع المستجوبين الذين يبلغ عددهم 914، وعدد 101 الذين سيصوتون للحزب الدستوري يساوي فقط 9.1% فقط من المستجوبين. وهو ما يعني أن أكثر من 90% ليسوا مع هذا الحزب، وهم ضده أو لا تهمهم الانتخابات. وحتى لو صوّت بعضهم لفائدته فذلك لا يجعله الحزب الأول، وإنما من يريد أن يجعله الأول هو الزرقوني أو الممولون.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات