لو عرَف حدّه واحترم ماضيه

بلاغ رئاسة الجمهوريّة

يهم رئاسة الجمهورية أن تؤكد مجدّدا أن رئيس الجمهورية لم ينتم لأي حزب ولم يكن وراء تكوين أي حزب ولا نية له على الإطلاق في إنشاء تنظيم حزبي. وليس لأي كان الحق في أن يحشر رئيس الدولة في أي تنظيم مهما كان شكله.

التعليق

أولا:

هل يعقل أن يصدر بلاغٌ عن رئاسة الجمهورية في مستوى تعليق على تدوينة بالفايس بوك. فالمطلوب من رئيس جمهورية في نظام ديمقراطي (أو في انتقال إلى الديمقراطية) أن يذكّر بالديمقراطية ومسارها، وأنّ الديمقراطية ومرجعية الدستور يجعلانه فوق الأحزاب ورئيسا لكلّ التونسيين، وحكما بين الجميع. ولو كان رئيس حزب فإنّه بانتخابه رئيسا للجمهورية يستقيل منه فورا.

ولكنّ قيس سعيّد رغم كلامه باسم رئيس الجمهورية حينا ورئيس الدولة حينا آخر (عقدة الرئاسات الثلاث)فإنّه :

1 - ينحو منحىً دفاعيّا لا مبرّر له، فجاء كلامه محكوما بطابع الردّ ورفع التهمة.

2 - يُخفي مناهضته للمنظومة الحزبية وللديمقراطيّة التمثيلية، ولا يجد الشجاعة للإفصاح عن وجهة نظره. و"لا نيّة له لتكوين حزب" تترك الباب على الحزبية مواربا.

3 - من حقّ رئيس الجمهورية أن يناهض.

الديمقراطيّة والمنظومة الحزبيّة والدستور. وله أن يؤسس، بما تتيحه الديمقراطية التي أوصلته إلى الحكم، بما به يتجاوز الديمقراطية التمثيلية.

4 - قيس سعيّد ليس آتيا من خارج السياسة في المطلق، فهو على وجه الدقة آت من خارج سياسة الكفاح والشهادة على ظلم المستبدّ وفساده، سياسة النضال الشريف…قيس سعيّد لم يكن بعيدا عن الخبزيست وآكلي اللقمة المرّة مُسارقَةً، ولا لوم عليه لو عرف حدّه واحترم ماضيه.

ثانيا:

من خصائص الديمقراطية أنّها لا تسمح حتى في حالة نفيها والقضاء على نظامها إلا بـ"وسائل ديمقراطية".

الشعبوية والفاشية تُخرجاننا من الصراع الديمقراطي تحت سقف المنظومة الديمقراطية إلى صراع استبداد/ديمقراطية تحت نفس السقف بمناهضة للديمقراطية من داخل مؤسسات الدولة وبأدواتها وبوسائل غير ديمقراطيّة (تعطيل البرلمان، وخرق صريح الدستور، وتعطيل المؤسسة التنفيذية)…إنّها المخاتلة في أحطّ صورها، وسيكون ضررها على التجربة فادحا وأفظع مما توقعنا، سيّما وأنّ فينا سماعون للشعبوية ممن غادروا المرجعية الديمقراطية ليتقاطعوا معها ومع الفاشية بعد أن رضوا بوظيفية لا أفق لها.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات