بوضوح…

عار وفضيحة وخصّة عقل.. وبالأساس فساد ذوق.. أن يبتهج "إنسان العصر الحديث" بتفاهات قيس سعيد، بل ويراها عبقرية ملاك زاهد نظيف يفيض أخلاقا حتى أنه لا ينطق إلا عربية أفصح من عربية أبي الأسود الدؤلي.. بل ويراه فنانا ممتلئا بروح العروبة فلا يكتب إلا بالخط العربي المغربي.. ومسلما مثاليا متلبّسا لسيرة الخلفاء والفاتحين من طول مشاهدته لصورهم في مسلسلات تلفزية يعتقد أنها حقائق التاريخ لا أعمال فن.. أو أن يرى فيما يأتيه سعيد من خزعبلات مجرد أخطاء بسيطة يبالغ في تضخيمها خصومه المدافعون كلهم عن الفساد.

بالنسبة إلي.. لا أتصور ذوقا سليما يتحمل سطحية بهذا الحجم. سطحية تعيّط يا بابا يامّي منذ أول ظهور لسعيد بهأهأته وروبوتيّته المدمرتين للأعصاب.. وركاكته المهينة للمدرسة الابتدائية التونسية( تذكروا سرده المضحك لحكاية الأرنب والتمرة والثعلب).

سياسيا تفهمت الذين فضّلوه على القروي ولم يروا منه حينها ما يرونه الآن.. ولكن روحي لفظته منذ اليوم الأول.. فلم أستطيع أن أعطيه صوتي رغم معرفتي بطبيعة معسكر القروي حينها.. لا أعطي صوتي لإنسان "هكذا".

هل معنى ذلك أنني أصطفّ في خصومته الحالية مع الصف المقابل له؟ هل في خصوم سعيّد ما يغري بالاتباع؟

طبعا لا.

لو كانت تشكيلة حكومة "ما قبل" المشيشي (أتجنب تسمية رئيسها حتى لا يحجب مكوناتها) صمدت وتحولت إلى ائتلاف عابر للتنظيمات والايديولوجيات القديمة لأجبت بنعم.. رغم يأسي من إمكانية تطور الأجسام السياسية التي تقف خلف مكونات تلك الحكومة. لأنني كنت سأراهن على الزمن.. وهو فاعل حقيقي..

أما أن يكون الخيار بين الغنوشي وبطانته القريبة وجمهوره المتعصب، وسعيد وجمهوره البذيء والسطحي.. فأختار ذهابهما معا. (طبعا عبير التنوير أتفه من الالتفات إليها).

للأسف ليس في المشهد الآن بديل عن هذا الإسفاف.. إسفاف مفسد للذوق.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات