رسالة إلى رئيس الحكومة

Photo

سيدي،

لمّا شاب عصامي؛ يعني ينطّر في خبزته بالجهد والمعين الله، يستيقض على مكالمة هاتفية من البانكاجي يُعلمه أنّ الحساب عملوا عليه وضع يد ويفهم أنّ مصالح وزارة المالية أخضعت الباتيندا لتوظيف إجباري وأنّ المبلغ المستوجب دفعه بلغ 20 مليون (؟؟؟؟؟)، حسب رأيك ماذا يعني هذا؟ ماذا يفعل هذا الشاب؟ وهو ليس لديه 20د في الجيب والحساب مليون في الأحمر.

سيدي رئيس الحكومة،

أطلب منك، بكلّ لطف، أن تقرأ القليل من الأحداث التاريخية لتفهم أنّ الدولة "الجابية" هي دولة ساقطة ولو بعد حين، لأنها ظالمة ومنظومتها الجبائية مبنية على اللاّ-عدالة: تنهب من عند الفقير لتُعطي الأقلّ فقرا وتفكّ من عند الأقلّ فقرا لتُسدّد ديونها تجاه رأس المال المتوحّش، ولتغطّي التزماتها تجاه القطاعات المُتحكّمة في مفاصل الدولة.

حكومة تتحرّك تحت الابتزاز وتتخذ قرارات تحت ضغط رأس المال وباندية النقابات وتُصادق على مشاريع قوانين وميزانيات للترضيات وللتمديد في عمر المؤسسات. مآل مثل هذه الحكومة هو "مزبلة التاريخ" حتى إن حقّقت انتصارات مغشوشة.

سيدي،

هذا الشاب هو مجرّد عيّنة صغيرة لآلاف أصحاب الباتيندات والمؤسسات الصغرى الذين حطّمت الجائحة مقاذفهم واليوم الدولة بصدد خرق سفينتهم.... وإغراقهم عمداً في متاهات الحرقة، مع سبق الإصرار والترصّد.

هم لم يطلبوا من الدولة زيادات ولا دعم ولا تأجيل الديون ولا الإعفاء من الضريبة ولا تعويض الضرر... هم ليست لديهم "فانا" يسكّروها ولا طريق يقطعوها ولا مرفق عمومي يعطّلوه... ليست لديهم نقابة تدافع عليهم. هم ليسوا من منظوري اتحاد الشغالين ولا من منظوري منظمة الأعراف. وليست لديهم قبيلة ولا حزب يحتمون بها.

هم أصحاب سيارات أجرة ولوّاج ونقل جماعي ومقهى في حي شعبي وحانوت كسكروت وميكانيكي وموزّع مواد تنظيف، وصاحب شركة صغيرة يصلّح معدّات مكتبية وإعلامية.... حلّوا باتيندات حتى لا يقع وصمهم بالكناطرية واللانظاميين. دخّلتهم الدولة في المنظومة لتُحوّلهم إلى حطب يتدفّأ عليه المُتهرّبون الكبار من أصحاب النزل ووكالات الأسفار وأصحاب المصحّات الخاصة ومورّدوا الزبلة والقمح الفاسد والدرع المسرطن.

لمّا تتكسّر مقاذفهم وتغرق سفينتهم... ماذا تنتظرون منهم؟

لمّا الدولة تفكّ، بغطاء الأداءات، خبز أولادهم وتنهب فلوس الكوش والحليب متاع صغارهم وثمن دواء السكّر وضغط الدم متاع أمهاتهم وتحرمهم من حقهم في الكرامة... ماذا تنتظرون منهم؟ يكونوا مواطنين؟

سيدي رئيس الحكومة،

المنظومة الجبائية بحاجة لمراجعات سريعة، حتى تكون متساوقة مع وضع الجائحة. المسؤول الذي يريد أن ينجح في إدارة الشأن العام والرئيس الذي قلبه يوجعه حين تعثر البغلة لا بدّ أن يكون له تصوّر مبني على دراية حقيقية بتفاصيل المشهد....

قريبا يحلّ موعد خلاص "معلوم الجولان" الذي ربطته إدارة الجباية بالوضعية الجبائية للمواطن.... تأكّد سترى العجب.

أستاذ ذهب للقباضة المالية للتصريح بالدخل يجد أنه متخلّد بذمته 260د. وقع اقتطاع أكثر من أربعة ملاين من المورد ومع ذلك يلزم يدفع لأنّ التعديلات التي أُدخلت على طريقة احتساب الأداء: النسب والشريحة فيها تحيّل كبير.... والاتحاد كان شاهد عيان على ذاك التحيّل.

تحيّاتي.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات