من يكون خليفة الغنوشي؟

Photo

مسيرة الشيخ الغنوشي ثرية وغنية ومتقلبة وفطنة كما يتميز بتجربة كبيرة وعميقة في المجال السياسي والقدرة الفائقة على التكتيك والمناورة وطبعا كل بداية لا بد لها من نهاية سواء بعدم الترشح للمؤتمر والخروج من الباب الكبير وتسليم المشعل وهو في عز عطائه وأتمنى ان لا تتكرر تجربة بورقيبة القاسية معه وبهاتة الصورة التلقائية الحضارية يكون له دور فاعل وقاطع في اختيار المعوض بحكم تجربته ومعرفته الدقيقة بشخصيات الحركة وفي ادق تفاصيلها كما يمكن ان تكون المغادرة طبيعية وبعد عمر طويل ككل خلق الله وفي هذه الحالة تصعب الأمور على رجالات الحركة لاختيار المعوض وما ينتج عنها من صراعات وتجاذبات تؤثر على توازنها والسؤال الذي يطرح نفسه من سيخلف الغنوشي ؟

إن المتأمل في شخصيات الدرجة الأولى للنهضة تبرز شخصيتان فاعلتان في المستوى الداخلي للحركة ومؤثران في السياسة الداخلية للبلاد وهما عبد اللطيف المكي وعبد الكريم الهاروني كيف تبدو الشخصيتان؟

شخصية عبد الكريم الهاروني:

مناضل من الصف الأول شخصية سياسية هادئة ومتزنة فصيح اللسان ذو كاريزما جاذبة يتمتع بهدوء منقطع النظير مقنع في كلامه قليل الظهور ولكن حازم وقاطع امام كل ازمة بعيد عن البهرج وحب الظهور براغماتي وأثره في وزارة النقل تشهد له بذلك لكن المدة القصيرة التي قضاها لم تكن سانحة لبروز اكثر مآثره يترأس مجلس الشورى وهو أعلى هيكل في الحركة ومن صلب هذا المجلس تبنى السياسات وتتخذ القرارات وبالتالي ملم بكل صغيرة وكبيرة داخل الحركة.

وكذلك معرفته بالواقع السياسي ومناخاته وتجاذباته إلى جانب إلمامه بوضعية الأحزاب تفصيليا والامر الأخير والهام الانسجام التام مع رئيس الحركة بوصفه رئيس مجلس الشورى إلى جانب تقاربهما في المزاج والاختيارات.

شخصية عبد اللطيف المكي:

يتقاطع مع الهاروني في نضاله وانه شخصية ذات كاريزما قوية مجتهد ومثابر صادق مع نفسه صريح لا يخاف المجابهة ولا يهابها.

برهن في ازمة كورونا أنه قادر على القيادة والسيطرة على أي حدث أو اضطراب أو خلل طارئ هاتان الشخصيتان هما المبوبتان لتعويض الغنوشي وإن كنت أميل للهاروني على حساب المكي للأسباب التالية على سبيل الذكر لا الحصر وهي:

ـــــ علاقة المكي بالغنوشي تشوبها بعض الصعوبات وليست كما يرام خاصة بسبب الترشحات لمجلس نواب الشعب.

ـــــ أنه انطلق مبكرا في حملة تعويض الغنوشي خاصة وان الطريق الموصل إلى الزعامة طويل ومفعم بالمخاطر والتقلبات والتجاذبات خاصة إذا كان الغنوشي غير متحمس له.

ـــــ استغل جائحة كورونا لتقديم صورة ناصعة عنه من كل الجوانب السياسية والقيادية والتكتيكية والتواصلية ورب ضارة كانت نافعة للبعض وياليته لم يسع إلى افتكاك القيادة لنفسه بشكل إرادي أو دونه بالبقاء وفيا لعقلية الفريق.

ـــــ ارتكب هفوة كبيرة في إقالته لشكري حمودة ومهما كانت التبريرات كان عليه ان يعتمد عليه إلى الآخر وتقديم نفسه على أنه رجل جامع يحب العاملين المثابرين وينزلهم منزلة مرموقة ولا مجال للغيرة أو الكراهية أو الإقصاء ومهما كان الاختلاف وهذا هو دور الزعماء.

ـــــ الحملة التي قام بها لتلميع صورته بتوزيعه للكمامات في الشارع والحال ان المستشفيات تشكو نقصا كبيرا (تدوينة جاد الهنشيري في الغرض).

ـــــ الحركات الرياضية داخل بيته وما ظهر عليه البيت من تواضع وبساطة أراد من خلالها إبراز نظافة اليد وانه من عامة الشعب وهي صورة فيها كثير من التكلف والتصنع.

أقول في الأخير أن هاتين الشخصيتين تتمتعان بالمصداقية داخل الحركة وخارجها وهما مؤهلان لتعويض الغنوشي باقتدار وكفاءة ويبقى راي الغنوشي مفصلي وقاطع ولعله يميل للهاروني أكثر منه للمكي في تقديري ولكن مفاجآت الشيخ لا يمكن تصورها ولعلها تخفي أسماء أخرى غير منتظرة ولا أتصور قطعيا ان من بينهم ابنه لأنه خارج حساباته من ناحية وأن تسيير حزب في حجم حركة النهضة ليس بالأمر الهين من جهة أخرى.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات