لقد كان السبسي ومحّمد النّاصر والمبزع ومحمد الغنوشي، أشرف من ذئاب الدّم!

Photo

أكّد نبيل بافون رئيس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات الثّلاثاء أنّ الهيئة كانت قدّمت رؤيتها الأوليّة حول التكلفة المحتملة للانتخابات ورأت أنّ العمليّة ككلّ تتطلّب 140 مليار، لكن التكلفة النهائيّة لم تتجاوز 98 مليار، وقال بافون على أمواج أحد الإذاعات التونسيّة أنّه خاطب محمّد النّاصر عشيّة وفاة الباجي قائد السبسي وأخبره أنّ الهيئة من المستحيل أن تجري الانتخابات في ظرف 90 يوما دون تنقيح القانون الانتخابي، وأشار بافون أنّ الرّئيس المؤقّت محمّد النّاصر كان شدّد على أنّه لن يبقى ليوم واحد بعد الآجال الدستوريّة أيّ بعد 90 يوما، وقال بافون أنّه بفضل رئيس الجمهوريّة ومجلس النّواب تظافرت الجهود وأدخلت التعديلات وتمّ احترام الدّستور رغم كلّ المصاعب. كما أشار إلى أنّ المرسوم الوحيد الذي وقّعه السبسي بعد تدهور حالته الصحيّة هو مرسوما رئاسيّا لدعوة التونسيّين للاقتراع في الانتخابات البرلمانيّة والرئاسيّة.

رغم أنّ السبسي لم يوقّع التنقيحات الأخرى تحت ضغوط معيّنة ليس هذا مجالها، إلّا أنّه وقّع مرسوما دعا بموجبه التونسيّين إلى الاقتراع فعل ذلك خلال مرض موته، أضف إلى ذلك استعصائه على التوظيف وإصراره على عدم الانخراط في لعبة إقليميّة وحتى داخليّة تهدف إلى إلحاق تونس ببقيّة البلدان التي انهارت فيها الثّورات كما انهارت تجارب الانتقال الديمقراطي.

بدوره محمّد النّاصر وبشهادة بافون أصرّ على عدم البقاء في منصبه يوما واحدا بعد المدّة الدستوريّة وساعد في إنهاء الانتخابات على أحسن وجه.. هذه المعطيات مهمّة جدّا للتجربة التونسيّة وللثّورة، مهمّة لأنّها تبوّب بدقة خصوم الثّورة ودرجة خطورتهم، وتسحب البساط من تحت الإجرام المؤدلج الذي يدّعي أنّ كلّ مشاكل تونس من الأزلام ومن قانون العزل الذي لم يمرّ! هذا محمّد النّاصر يمتنع عن البقاء ليوم واحد بعد الآجال الدستوريّة وهؤلاء الذي صدّعوا رؤسنا يرغبون في عزله بقانون رسمي، هم أنفسهم الذي يتوسّلون إلى قيس سعيّد كي ينقلب على الدّستور، يراكمون له الصلاحيات الرّئاسية ويهبونه حكومة الرّئيس ويبحثون لتونس عن الحفترة والسيسنة والبشرنة!

ولمّا كان الله أنعم علينا بنعمة العقل، كان لا بدّ من تشغيله ولو في حدوده الدّنيا، حينها سنقف على سلوكات الباجي ومحمّد النّاصر وحتى الغرياني والمبزع ومحمد الغنوشي، بل سنقف على سلوكات الكثير من رموز المنظومة القديمة "بغضّ النّظر عن عبير موسي التي كانت من حشف المنظومة وليست من رموزها" نراجع مواقف شخصيّات مثل الباجي ومحمّد النّاصر ثمّ نقارنها بمواقف الجمر الخبيث المؤدلج، نقارنها بقراصنة الكراهية، الذين هدّدوا خصومهم بالقتل والسحل وتوعّدوا بالدّم وحرّضوا على الانقلابات..

أكيد إذا تمعّنا سندرك أنّه ليس الباجي ولا محمّد النّاصر ولا المبزع من شدّوا الرّحال إلى سفّاح الشّام! ليسوا هم من قالوا أنّ جيش البراميل المتفجّرة هو الذي أنقذ تونس من الإرهاب ونفوا ذلك عن الجيش التونسي، سندرك أنّه لا الباجي ولا محمّد النّاصر يستمطر البيانات الأولى ويحرّض الجيش على الانقلابات ويجعل من السيسي نموذجا ويبحث عن الخلاص من الديمقراطيّة حتى في أعقاب سجائر مجنون طبرق خليفة حفتر،

سنشكر الله كثيرا ان قراصنة الكراهية لم يكونوا في مكان محمد الغنوشي سنة2011 ولا في مكان المبزع في نفس السنة ولا في مكان السبسي سنة2011 و2014، والا كانت الثورة فشلت وانتقلنا من إرهاب الزنازن الى ارهاب المشانق!

لو راجعنا الأحداث بالعقل، لتوصّلنا إلى حقيقة مرّة، مفادها أنّه إذا كانت الثّورة تحتاج إلى تحصينها من كبار رموز حزب التجمّع، فتونس بماضيها وحاضرها ومستقبلها تحتاج إلى تحصينها من رموز الدّم والكراهية والقتل والاستئصال، لو أنصف المنصفون لأقرّوا بأنّه لو ابتلى الله تونس بوصول أحد ذئاب الدّم والاستئصال إلى قرطاج عوض الباجي قائد السبسي لكنّا اليوم نتربّع على تلّة من الجماجم والأشلاء! لقد كان غلمان زايد يراودون السبسي من الخارج وكان روثهم يراوده من الدّاخل..

كانوا يترجّونه أن يشرب لهم دماء أنصار الهويّة والثوابت ثمّ يهبونه أنفسهم وينصّبونه عليهم مدى الحياة وربّما نصّبوا ابنه بعده وحفيده وربّما حلّاقه وسائقه… كان همّهم والمهمّ لديهم أن يشفي لهم غليلهم، فجمرهم لا يبرد إلّا على ولائم القتل الجماعي.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات