نشاز…

Photo

نحن شعب لا يعرف كيف يفرح، ولا يعرف كيف يحزن... نحن شعب لا يتقن مواكب الأعراس، ولا يتقن مراسم الجنائز... سِماتنا الكبرى الفوضى وتشنّج النفوس وحبّ التصدّر وكثرة الكلام في موضع السكوت، والصمت عند لزوم الكلام…

نحن شعب لا يعرف للخشوع بابا، ولا للسكينة مدخلا... وإن أظهر ذاك وتلك، ففي الغالب، رياءً منه واستعراضا... ما ساقني لهذا الحديث ما شاهدته في جنازة لينا بن مهنّي رحمها الله –وقد قيل أنّها جنازة وطنيّة. هل تعريف "الجنازة الوطنيّة"، أن تتقدّمها سيّارة شرطة؟

الجنازة الوطنيّة… وكلّ ما يمكن أن يوصف بالوطنية… هي أمر جامع للناس لا مفرّقا لصفّهم… إذْ قلّما تتّحد الصفوف (لا سيّما في هذه المرحلة من تاريخنا) … ووفاة لينا رحمها الله، وإن كانت مناسبة حزينة، فالخير فيها (والفضل يعود هنا للينا) أنّها وحّدت قلوب الناس حول جسد أنهكه المرض والنضال…

فعلام يصرّ البعض على تمزيق الصفوف والقلوب برفع شعارات جلّها ممّا يختلف حوله الناس… لماذا يصرّ البعض على استعمال الجثمان المسجّى لتصفية الحسابات السياسيّة مع الخصوم… هل هذا وقته ومكانه؟ لماذا الصراخ والنشاز، في مناسبة وجبت فيها السكينة والتناغم؟

لربّما سمعت لينا هذا الصراخ وهذا النشاز فأزعج نومتها الأخيرة…

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات