لغم محمد بن زايد في البرلمان التونسي..

Photo

في الأخير لابد من التذكير أن شخصية مثيرة مثل عبير موسي سبق ومارست السياسة في جميع أبعادها، حين كانت قاعدية تجمعية تسوّق لبن على وحين كانت محامية تصد التحركات وتبلغ عن أي شبهة نضال في القطاع وحين تمتعت بريع الثورة ومارست المعارضة بأبشع الأساليب وحين أدارت حملتها الانتخابية "رئاسية وتشريعية" وحين دخلت البرلمان مع كتلة الدستوري الحر.

إذا هي تدرك جيدا ماذا تفعل، كما تدرك أن مزاج الشارع التونسي لا يسمح بالتجديد للأحزاب في مراحل الاختبارات القاسية، الشارع لم يجدد حتى لشخصيات معتبرة ومكتنزة بالنضال وبالإنجازات السياسية والحقوقية مثل المنصف المرزوقي وبن جعفر وغيرهم، بل استهلك نجيب الشابي في مرحلة انتقالية وجيزة، ثم أعرض عنه تماما عندما منحه 16 من النواب فاستكبر وتولى! لذلك هي على يقين أنها استوفت تجربتها الحزبية وأن ذروة ما وصلت اليه من انجازات تلك الكتلة المتكونة من 17 نائبا، ثم ستشرع خلال الاستحقاقات القادمة بجميع أصنافها، ستشرع في التراجع وربما يعتريها الفناء بشكل كلي على غرار بعض التعبيرات الحزبية الأخرى التي مرت بالساحة ثم غربت عنها.

من أجل ذلك تسعى عبير الى التحول من ظاهرة حزبية إلى ظاهرة معولية! يعول عليها العدو كمعول لهدم الثورة وأركانها ومؤثراتها، تتعامل عبير اليوم مع الساحة السياسية تماما كما تعاملت السينما التونسية مع الساحة الفنية، حين كان يوسف شاهين وصلاح أبو سيف وعاطف الطيب وإنعام محمد علي، يخصبون السينما المصرية والعربية، كانت النخبة الفنية التونسية تبحث عن أقصر الطرق، وليس أقصر في السينما من الاثارة وكشف المستور والجنس المخضب بالخيانة الموجّه بالفيمينزم في أبعاده المخلة..

كذلك فعلت عبير حين أيقنت ان مزاج "الناخب" التونسي سيمنحها فرصة حزبية واحدة عبر كوتة برلمانية، ولأنها تعتبر التداول السلمي على السلطة من الموبقات، فقد أرادت اهتبال المرحلة النيابة الحالية لإنتاج حالة اثارة تهدف إلى تفقيص نوعا من الصدام المبتذل الذي يسعى لإقناع الشرائح المعادية للثورة بإمكانية أو ضرورة التجديد! تسعى عبير الى اثبات جدارتها بالعربدة وتقاتل من أجل قطع الطريق أمام التمثيلة المقبلة التي ستحل محلها، كما حلت هي وغيرها محل النداء، عليها ان تشرع وبشكل مبكر في اقناع الضباع هناك والجراء هنا انها الاقدر على بعثرة الاثاث الديسمبرية الجميلة.

من المعلوم أن تمثيليات الثورة مكلفة بالإنجاز ومطالبة بالتقدم على اكثر من جبهة "اجتماعية سياسية اقتصادية" من المعلوم أيضا أن الثورة المضادة مكلّفة بالإنجاز على مستوى الهرسلة والتمييع والتعطيل والتشويه، مكلّفة اكثر بتقديم صورة مزرية على ديمقراطية الثورة، وبقدر نجاح عبير في تهشيم صورة الثورة واحالة التونسي على حقبة المخلوع، بقدر حصولها على فرص وإيرادات اخرى، لذلك دخلت موسي منذ اليوم الاول في الانجاز، شرعت في ضرب سمعة المؤسسة التشريعية، شرعت في خلخلة شخصية رئيس البرلمان ليس بصفته الحالية فحسب وإنما كشخصية رافقت التجربة منذ نعومتها وترفقت بها وإلى ذلك هو الهدف الشهي لنيران وكلاء الثورة المضادة في الداخل وقمرتها في أبو ظبي...

وعليه فإن معالجة اللغم العبيري لا يكون بالشحن والهُتاف والفيراج والجماهير وأهازيجها لما تهتف بروح الغنوشي كي يقتلع عبير وعربانها من المجلس، متى كان نزع الألغام يحتاج الى الحمية والتحريض، هل رأيتم جماهير تتبع المختصين في نزع الالغام الى الحقول الملغمة تحثهم وتحمس فعلهم، هل رأيتم مهندس الالغام ينحني لفحص اللغم والجماهير تهتف"اخسف به الارض انزعه من جذوره لا تترفق به!!!!!" كيف لا تترفق به! او بها! تلك لغمة اقصى امانيها أن لا يترفق بها!!!!!!

هذه بوليسة سرية بلهاء، تضع جريدة ونظارة سميكة وتطل بنظارتها من فوق الجريدة، ثم هي تمسك الصحيفة بالمقلوب، ثم تقول لمن حولها أنا لست بوليسة سرية ولا أعمل على الإيقاع بالغنوشي!!! هذه فخة نصبت نفسها خصيصا لرئيس البرلمان!! هذه بومة متعصفرة تزقزق حين يمر الغنوشي بجانبها، تقول له أنا عصفورتك النادرة.. انتِ لستِ عصفورة، انت مبعوثة العناية الزايدية، لذلك نقول للذين يمارسون الوطنية والثورية من خرم إبرة، احذروا حتى لا يلتقي انفعالكم مع خطة محمد بن زايد وبرميله النفطي المؤنث.

أيها أنتم.. أيها كلكم.. شيء من الصبر وبعض الهدوء، ثقوا أن الذي نزع اللغم العباسي واللغم القسيلي واللغم القروي واللغم الوطدي واللغم التشبيحي.. لهو كفيل بنزع اللغم العبيري... بعض الهدوء فاللغم اسلاكه منبثة هنا وريموت كونتروله هناك في صحراء النفط.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات