هل الأستاذة سناء بن عاشور ديمقراطيّة ؟

Photo

سؤال طريف ومعبّر يدلّ على أنّ الدّيمقراطيّةَ وليس معتقدات النّاس الشخصيّة معيار للفرز والتصنيف … الأستاذة سناء حفيدة العالم الفذّ الشيخ الطّاهر بن عاشور رحمه الله وكريمة الشّيخ الفاضل بن عاشور رحمه الله أحد أبرز الشخصيّات الزيتونيّة التي انخرطت في النّضال الوطني زمن الاستعمار وبناء دولة الاستقلال .

وهي قامة علميّة في اختصاصها ومناضلة نسويّة زمن الاستبداد ، وبقيت معارضة لنظام بن علي حتّى آخر أيّامه قبل الثّورة،

ساندت إضراب الجوع الذي خاضه مجموعة من القيادات السياسية والجمعويّة والفاعلين في الشّأن العامّ وكانت منسّقة للجنة المساندة ، لكنّها انسحبت بمجرّد انتهاء الإضراب وتأسيس هيئة 18 اكتوبر كإطار جامع على قاعدة أولويّة مقاومة نظام الاستبداد على الاختلافات الأيديولوجيّة،

كان انسحابها وانسحاب غيرها على أساس أولويّة حسم صراع النّمط المجتمعيّ على صراع الحريّة والاستبداد ، واعتبرت مع تيّار سياسي وجمعويّ معتبر أنّ المُصَنَّفِين في خانة أعداء الحريّة من الإسلاميين النّهضويين لا يمكن أن يكونوا جزءً من أيّ حركة نضال ديمقراطي ضدّ الاستبداد.

بل رفع بعضهم شعار لا حريّة لأعداء الحريّة " المفترضين " وهو شعار يعبّر عن وعيّ شقيّ لم يستفد منه إلا نظام الاستبداد بل شكّل التقاءً موضوعيّا معه.

وشقّت تجربة 18 أكتوبر طريقها ونظّمت اجتماعات مفتوحة للحوار والنّقاش الفكري والسياسي رغم محاصرة البوليس السياسي لمقرّات الاجتماعات، وقد كنت مواكبا لأغلب اجتماعاتها ومشاركا في نقاشاتها ومساهما في تنضيج بعض ورقاتها ،

خسر من ناصبوا هذه التجربة العداء بتعلّة وجود خصومهم فيها لا فقط شرف مقاومة الاستبداد من موقع واضح ومكشوف بل كذلك شرف الانتماء لوعي عميق بأنّ مقاومة الاستبداد هي الأولويّة القصوى وأنّ كلّ الصّراعات الموازية فرعيّة على قيمتها ، وهو وعي مواطني متقدّم ينسحب على فترة ما بعد الثّورة التي لا يزال فيها ذلك الوعي الشقيّ يخرّب الانتقال الدّيمقراطيّ والمسار الثوريّ .

لذلك يندرج السّؤال عن ديمقراطيّة الأستاذة سناء بن عاشور في سياق أبعد عن الشخص في حدّ ذاته وأهليّته ليكون ضمن مؤسّسة دستوريّة بقيمة المحكمة الدّستوريّة التي يفترض أن تحمي الحقوق و التعاقد الوطنيّ وأسس العيش المشترك الذي ضمنه الدّستور ، بل يتعلّق كذلك بمفهوم الدّيمقراطيّة وجوهرها وفلسفتها وقابليّتها للتمييز والاستثناء …

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات