هل انقلبت الدّعوى على المدّعي؟

Photo

منذ قليل في إذاعة خاصّة صرّح النّاطق الرّسمي باسم الجبهة الشعبية أنّه على علم بوجود وثائق في الملفّ الذي وزّعته هيئة الدّفاع عن الشّهيدين تحت عنوان خيال، كما صرّح أنّ القاضي سأل عنها المتّهم الذي اعترف أنّها خواطر، بينما اعتبرها النّاطق الرّسمي تابعة لشعبة متخصّصة في الإشاعات في التنظيم السرّي،

وتبعا لذلك اعتبر أنّ ما نسب له في هذه الوثيقة من مسؤوليّة عن اغتيال رفيقه إشاعة، وهو أوّل تصريح رسميّ لأحد المحسوبين على القائمين بالحقّ الشخصي للشهدين بلعيد والبراهمي يصادق فيه على ما ورد في إفادة محامي مصطفى خذر.

هذا التّأكيد يطرح جملة من الأسئلة والفرضيّات حول هذه الوثيقة بالذّات التي شكّلت الخيط الوحيد الرّابط بين الجهاز السرّي المفترض وبين الاغتيالات:

* هل اطّلعت عليها هيئة الدّفاع كاملة واجتزأتها لتأكيد سرديّتها حول وقوف جهة بعينها وراء الاغتيالات؟ في هذه الحالة ما هي ضماناتهم لعدم تمكّن محامي الجهة المقابلة من الاطّلاع على الوثيقة كاملة وتفنيد التّهمة أو تحويلها لجهة الاتّهام نفسها ؟ إذا كان ذلك كذلك ألا يقوم هذا السلوك على المغامرة والمقامرة ولو على حساب الحقيقة؟

*إذا لم تطّلع عليها كاملة كيف تبني عليها اتّهامات وأحكاما وسرديّة كاملة وحقيقة قضائيّة ؟ وهل من سلّمها الوثيقة أو أعلمها بها تعمّد إخفاء جزء منها أو قصّر في الاطّلاع عليها أو حصل عليها بشكل مجتزئ؟

*هل تسرّعت هيئة الدّفاع في تأويل منفرد لوثيقة لم تتثبّت من هويّتها ومضمونها كاملا ولم تنتظر رأي الجهات القضائيّة ؟ أم هي على علم بفحواها ولكن أرادت أن تغالط الرّأي العامّ ؟ أو اعتمدت وثيقة أخرى غير المشار إليها من طرف محامي المتّهم لا تتضمّن الرّواية الكاملة ؟

*هل كلّ الوثائق المعتمدة لنسج سرديّة التنظيم السرّي ووقوفه وراء الاغتيالات خضعت لنفس الطّريقة في الاطّلاع والتّأويل ؟ إن صحّ كلّ ذلك أليس هذا مظهر من مظاهر الارتجال والاستسهال والاستباق والتسرّع في حسم ملفّ لا يمكن أن يحسم إلا في أروقة القضاء بإعطائه كلّ ما يستحقّه من عناية واهتمام ووسائل تثبّت؟

*في النّهاية هل ساهمت هيئة الدّفاع في استجلاء حقيقة الاغتيالين أو في مزيد تعويمها؟

أسئلة يجب أن تجيب عليها هيئة الدّفاع التي تلتزم الصّمت إلى حدّ هذه اللحظة للخروج من وضع الغموض والتّجاذبات وتقاذف الاتّهامات التي تعفّن المناخات السياسيّة وتزيد المسار الانتقالي المتعثّر ارتباكا.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات