التعدّد بين التصوّر والمعيش

Photo

لن أتحدّث عن التعدّد كما يطرحه الدين الإسلامي (له سياقات وشروط قد تجعل منه امرا مُستحيل التحقق) ولن أتحدّث عن التعدّد كما يُعاش في العديد من البلدان العربية (يخضع للثقافي وللإقتصادي وغالبا ما تحكمه النزوات والرغبات). بل سأتحدّث عن التعدّد في ثقافة التونسي...

التصورات تُراوح بين التجريم والتكفير. والخطاب يحكمه الأيديولوجي والسياسي أكثر من الواقعي.... نعرف عدد من التوانسة عايشين في بلدان أجنبية -غربية بالأساس- معدّدين... يستغل وجوده في سياقات ازدواجية الثقافات والجنسيات ويمارس التعدّد بغطاء الدين والشرع. يتزوج مغربية أو جزائرية بعقد عُرفي وغالبا الزوجة الأولى ما على بالهاش.

نعرف عدد من التونسيات مُتزوجات بأثرياء عرب (سعوديين وجزائريين وإمارتيين) وهنّ على علم بأنهنّ واحدة من بين ثلاثة أو أربعة وتقبل بأن يكون العقد عُرفيا مُقابل أن تعيش في مُستوى مادي مُعيّن.... وتجيب أولاد زادة. والعائلة تكون فرحانة.

ونعرف حداثيين (رجال ونساء) يمارسون التعدّد خلسة (ينوّعوا)... صحيح بشكل غير نظامي وخارج الأطر القانونية متاع الدولة ومن دون تعاقد ولا روابط مُستقرة ودون خلفية فكرية ولا مرجعية ولكن اسمه تعدّد حتى وإن أُلبس طابع سوسيو-ثقافي تابع جماعة النمط....

وهناك من اشتغل على هذا الموضوع وبُهت الذي عَلِم... ولا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون.

هذا لا يعني أنّ التعدّد بوجهيه الديني والحداثي جائز أو مقبول بشكل مُطلق، ولا يعني أيضا تجريمه أو التشنيع بالمُعدّدين فعلا أو ترذيل المُطالبين بتشريعه… لأنّ القراءة تكون بأدوات "الإنسان" المُخيّر بين الإرتفاع بتفكيره واهتمامته من مُستوى الحمأ المسنون إلى مُستوى "الإستخلاف" وتحمّل الأمانة…

حين يتجاوز الإنسان (بنوعيه) التفكير بنزواته ورغباته ويتعلّم يشبع … ستكون علاقته بالملذّات علاقة مُزدوجة: المُتعة (الذاتي) والواجب (الموضوعي).

العلاقة الزوجية في الإسلام هي علاقة تعاقدية أساسها القبول والرضاء ويكون الإشهار شرط رئيسي لشرعية التعاقد (تسجيل العقد في الحالة المدنية). ويكون المبدأ المُعاشرة بالمعروف أو فكّ الإرتباط بالإحسان والقانون هو الفيصل.

في الأخير هي خيارات يجد الإنسان نفسه امامها وليس بالضرورة أنّ ما يُقال في الخطب ويُحبّر في المقالات هو ما يُمارس في الواقع… فبين التعدّد مُتصوّرا والتعدّد معيشا يوجد واقع يجب الإشتغال عليه.
كلّ شيء فكرة في الرأس. والشعوب الخاوية من المشاريع تُفكّر بنصفها السُفلي.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات