ورقات من ماض لم ينته بعد.. الحلقة 18 والأخيرة.. ما العمل الآن؟

Photo

ما العمل وكلّ المؤشّرات تدلّ على أنّنا نسير قُدُما في هذا الاتجاه؟

ولكن ما قيمة "المؤشّرات" أمام عزم الرّجال؟

لا بدّ لكلّ راغب في تحمّل مسؤوليّته التّاريخيّة أمام الله وأمام النّاس أن يعي بأنّ الأمر خطير..
إنّها مسألة حياة وطن أو موته.. فوالله، ما لم نعِ هذا الأمر فسنخرج نهائيّا من التّاريخ..

وحتّى نبقى تحت الشّمس، وفي دائرة التّاريخ، لا بدّ لنا من التخلّص نهائيّا من "التنظير الإصلاحيّ"، فهو جُبْن.. جبن.. جبن..

لا بدّ لنا من ثورة..

نعم أقولها بلا عقد..

لماذا تحقّق كلّ الشّعوب ثوراتها لتنهض، ونرضى نحن بالهوان؟

لماذا نُحرَم من حلاوة صُنع التّاريخ؟

هنا قاطعتُ صاحبي قائلا:

- ألا ترى أنّك رومانسي وطوباوي أكثر من اللاّزم؟

أجاب:

- حتّى لا تسيئ فهمي، أقول لك بأنّ كلمة "ثورة" لا تعني حتما العنف؛ كما الجهاد لا يعني قسرا القتال.. وهل يوجد عنفٌ يصل إلى ما بلغه عنف السّلطة في بلداننا؟ إنّها مسألة محتويات ومناهج..

إنّ كتابة كلمات على الجدران ليلا، عمل ثوريّ؛ وكذلك وضع منشور في صندوق بريد, عمل ثوريّ؛ والتّرنّم بنشيد ممنوع، عمل ثوريّ؛ وكتابة قصيدة، عمل ثوريّ؛ والتّظاهر في الشّوارع والإضراب عن العمل أو عن الدّراسة أعمال ثوريّة؛ ومعاقبة مجرم سفّاح يتلذّذ بتعذيب الأبرياء، عمل ثوريّ..

كلّ تلك الأعمال بتواترها وتصاعدها تمثّل خطرا وهاجسا يقضّ مضاجع سلطة الاستبداد، ويدفع بها إلى الارتباك..

والارتباك هذا هو بداية نهاية الطّغاة..

ولا أظنّ شعبَ تونس بعاجز عن مثل هذا الأمر وهو الذّي قدّم الأمثلة على ذلك عبر تاريخه القريب والبعيد..

ألم نكبر ونحن نردّد بدون هوادة أبيات شاعرنا العظيم:

إذا الشّعب يوما أراد الحياة

فلا بدّ أن يستجيب القدر

ولا بدّ للّيل أن ينجلي

ولا بدّ للقيد أن ينكسر

(انتهى باريس 2003)

مرّت ثمانية سنوات، وأراد الشّعب ذات يوم، فاستجاب القدر.. وعمّ أرجاء المعمورة شعار أطلقه شعب تونس: "الشعب يريد إسقاط النظام".. ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد..

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات