تسريب تقارير المخابرات الأمريكية حول محدودية أثر القصف الأمريكي على المنشآت النووية الإيرانية، بالإضافة إلى مسألة نقل مخزون اليورانيوم المخصب والمعدات النووية إلى أماكن مجهولة يصب في اتجاه واحد هو تأكيد سعي إيران لامتلاك القنبلة وأنها على بعد شهرين أو ثلاثة من امتلاكها.
لم يعد التزام إيران بعدم السعي إلى امتلاك السلاح النووي يذكر، وهذا يخدم السردية الأمريكية والصهيونية التي تبرر العدوان، وليس الحرب، على إيران، بل وتترك الباب مفتوحا أمام سيناريو عدوان يكون هدفه تدمير القدرات العسكرية الإيرانية، الصناعة الدفاعية والبرنامج الصاروخي تحديدا، وإنهاك البلاد اقتصاديا، وهو ما توحي به إشارات ترامب إلى احتمال استئناف الكيان عدوانه قريبا.
السلاح النووي يوفر ميزة الردع، لكن في حالة المواجهة مع دولة نووية سينتفي أثره بحكم وجود ردع متبادل، وحتى إذا امتلكت إيران القنبلة فإن ميزان القوى لن يتغير بشكل مؤثر لأن الذي يقف في المقابل هو أمريكا ثم الكيان، وتصوير إيران على أنها دولة انتحارية هو جزء من السردية الصهيونية والغربية التي تستخدم لتبرير العدوان.
إلى حد الآن لم يظهر ما يؤكد وجود اتفاق لوقف إطلاق النار، وهو ما يعني أننا أمام هدنة كما وصفتها وسائل إعلام أمريكية.
البرنامج النووي الإيراني كان تحت الرقابة الكاملة بمقتضى بنود اتفاق 2015 الذي مزقه ترامب لأنه كان يريد اتفاقا يحرم إيران من التخصيب بشكل كامل ويفرض قيودا على برنامجها الصاروخي بما يجعله عديم التأثير على ميزان القوة في المنطقة.
تقديم إيران في وسائل الإعلام الأمريكية والغربية كدولة تطرق باب النادي النووي يعني تكريس فكرة الخطر الإيراني، وهذه مقدمة لعدوان أكبر يستهدف تدميرها بشكل كامل، ويستعمل هذا الخطر لتبرير الدوس على القانون الدولي كما قال بذلك المستشار الألماني، فضلا عن دوس إدارة ترامب على القانون الأمريكي الذي يفرض العودة إلى الكونغرس قبل اتخاذ قرار الحرب.