السيد الرئيس لا تذهب…

أرجو أن تستمع إلى نداء العقل، كلي أمل بأن تستجيب لأصوات الحكمة، لا لضجيج الأبواق المتصنعة. آمل أن لا تذهب إلى مهاوي الهلاك، أن لا تسير إلى حيث المنايا تتربص بمشاريع المستقبل وأحلام الشباب.

أجل هناك مؤامرة تتهدد مستقبل الجزائر، مؤامرة تكمن تفاصيلها في تأجيل النظر إلى مقتضيات المرحلة وتسويف التعاطي مع ضرورات الانتقال.

إن الخطر الأكبر اليوم لا يتهدد حياة رأس النظام، بل يتربص بمستقبل الوطن وأمانة الشهداء.

أمل أن لا تذهب ... إلى بيتك قبل أن تنجز مهمة للتاريخ، للأمة وللوطن. أتطلع كغيري من أبناء الجزائر لأن تلبي نداء الوفاء ولا تغادر منصبك قبل أن تسهم في وضع دعائم التحول السلس وأسس الانتقال الحقيقي بين جيل التحرير وجيل البناء. لقد تدرجتَ في سلم المسؤوليات وعايشتَ مختلف مراحل الدولة وكل محطات تقلب النظام، وأنت أعلم بمكامن النقص، وأدرى بمصادر التهديد.

إن المؤامرة الكبرى التي تهدد استمرار كيان الدولة في الوجود، مصدرها غياب الأفق السياسي، وترهل المؤسسات، وتنامي مشاهد اليأس. يمكن أن نتلمس ملامح الأزمة، في الفضاء العام المختنق، في النقاش العام مكتوم، في خطاب الإعلام المبتذل، في قوارب الموت المستمرة في تصدير السواعد والأدمغة، في مشاهد الإسفاف وخطاب التفاهة، وفي مواكب الاحتفاء بكل ما هو مستورد... بالسيارات المركبة، بالكباش المسمنة، بالحلول الجاهزة المعلبة …

ما من شك أن مصادر التهديد عديدة، لكن أخطرها، هو أن يضيق الفضاء بكل صوت مخالف، أن تكال التهم الجاهزة لكل ناصح معارض، أن يعاد صياغة المشهد السياسي بنفس الديكور البالي، ويعاد تدوير الشخوص، والكوادر في مشهد ممجوج مكرر.

السيد الرئيس أرجو أن لا تسافر... أن لا تغادر ... قبل أن تبرم الحوار الوطني الجامع الذي صرحت أنه ضرورة عاجلة، أن لا تترجل قبل أن تفتح النقاش الحر وتأسس للتفكير الجاد حول مختلف البدائل لمواجهة تحديات المستقبل، أن لا تراهن على المشهد الساكن، فخلف الواجهات الجميلة مصاعب ومخاطر.

السيد الرئيس لي رجاء أن لا تنهي ولاية الرئاسة قبل أن تطلق سراح سجناء الرأي، وتحرر الفضاء العام وتفتح ورشات النقاش حول سبل بناء جبهة داخلية قوية ومتينة في مواجهة التحديات الجسمية.

ما دون ذلك... سافر متى تشاء، وول وجهك شطر الشرق أو الغرب الأمر سواء، ف"من كانت منيته بأرض ليس يموت في أرض سواها".

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات