ظُلِمَ نجيب ميقاتي في هذه الحرب. لم يكن «قدّ الحمل» في نظر كثيرين. بدا وكأنّه ينتظر الأوامر والتوجيهات من برّي. لم يُصدِر مواقفَ أو تصريحات أو كلاماً بمستوى التحديات. لعلّه كان يخاف من المُعلِّم في واشنطن ومن الراعي في الرياض.
وميقاتي، للّذي لا يعلم، ينتظر على مدى رئاسته للحكومة إشارةً واحدة للقاء محمد بن سلمان. هو حتى طلب توسّط ماكرون كي يقبل محمد بن سلمان أن يلتقي به. وعده محمد بن سلمان خيراً عندما التقاه بصورة عابرة في مؤتمر، وبتوسّط من ماكرون.
سمح له محمد بن سلمان بالتقاط صورة. ابتسم ميقاتي كثيراً فيها. ظنَّ أنّ اللّقاء الموعود اقترب، لكنّ أحلامه تبخّرت. لكنْ عندما صرَّح ميقاتي أخيراً ضدّ التدخّل الإيراني في لبنان (بناءً على تشويهات سعوديّة معهودة لكلّ كلامٍ إيرانيّ رسميّ أو خاص) ابتهج محمد بن سلمان وسمح له بلقاء لبضع دقائق.
طار ميقاتي فرحاً ويُقال إنّه رقصَ رقصة العرضة في مطار الرياض (والخبر على ذمّة الرواة الثقات). ميقاتي تجاهل وجود المقاومة في الجنوب، وخصوصاً بعد رحيل حسن نصرالله. تشعر وكأنّه تحرّر، وعندما سُئل عن شعوره بالنسبة إلى نصرالله، أجاب كأنّه يصف الطقس في ذلك اليوم.
يحلم ميقاتي أن يصبح مثل السنيورة في حرب تمّوز: أن يُدعى إلى البيت الأبيض، وأن يربِّت الرئيس الأميركي على كتفه. لكنّ ميقاتي في هذا الأسبوع أثبت أنّه رجل دولة: فقد اتّصل بالمصمِّم اللّبناني، إيلي صعب «وهنّأه على عرض الأزياء الذي قدّمه ضمن «فعاليات موسم الرياض» في السعوديّة»، وأكّد ميقاتي أنّ «هذا الحدث يُثبتُ أنّ الإبداع اللّبناني أقوى من كلّ التحديّات، وهو قادر على تخطّي المسافات».
طبعاً، هنّأ ميقاتي «المملكة العربيّة السعودية التي تحتضن الإبداع في كلّ المجالات». نسي ميقاتي أن يُشيد باحتضان السعوديّة للإبداع السياسي ولسعد الحريري. ميقاتي بهذا التصريح أثبت أنّه رجل دولة (لكنْ بتعريف تركي الشيخ) وهو يرسم معالم سياسيّة دفاعية جديدة يكون عمادها عروضُ الأزياء مقرونة برقص فرقة «مياس». وقد أهدى ميقاتي عرض الأزياء إلى النازحين من الجنوب.