ثمن الحرية والكرامة…

المنهارة، هم مخطئون ومضللون، وهم من أولئك الذين قال فيهم الله تعالى لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُواْ خِلَٰلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّٰعُونَ لَهُمْ ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌۢ بِٱلظَّٰلِمِينَ.

لو اتبعت الشعوب هذا المنطق عبر التاريخ لما تمكن شعب مستضعف ومستعمَر من ان يطرد المحتلَ والمستوطنَ الغاصبَ لأرضه ابدا. الشعوب والامم التي قبلت بالذل والاستكانة، ورفضت دفع ثمن الحرية والانعتاق عاشت ابدا الدهر تحت الاحتلال… ألا تعلمون انه الى يوم الناس هذا تعيش شعوب في جزر او مناطق بعيدة في المحيطين الهندي والهادي مازالت الى الان تعتبر أرضا فرنسية او انجليزية!؟

النصر للشعوب المظلومة التي اغتصبت أرضها وحرمت من الحرية ليس في إلحاق عدد من القتلى في صفوف العدو المحتل متساويا مع عدد الشهداء عندها، وفي تهديم عدد من المباني تابعة للعدو بمثل ما خسرت هي من مبان، بل النصر والعزة والكرامة والمجد للشعوب المستضعفة، حينما لا يرهبها تفوق العدو، ولا يجبنها جبروته، ولا يخذلها ضعفها العسكري، فهي قادرة على تعويض كل ذلك بمعين لا ينضب من الارادة التي تتكسر عليها صخور الكبرياء والغطرسة… الارادة التي لا تأفل في نفوس المقاومين ابدا، والتي تصنع بدل الشهيد عشرات المقاومين المصرّين على الموت كإصرار المحتل على الحياة….

تلك هي المعادلة التي يجهلها ضعاف النفوس المستكينين للطغاة… كم من مثال حي في التاريخ المعاصر والغابر لشعوب كافحت محتلا يفوقها عدة وعتادا وانتصرت عليه، ليس بقوة السلاح بل بقوة الارادة التي تبعث في نفوس الأعداء الخوف … نعم المعادلة الواضحة التي اقتضتها الحكمة الربانية أن الجبناء يعتقدون أن قوة السلاح تخيف العدو الذي يرومون ترويعه واحتلاله… ولكنهم في الوقت نفسه يقعون فرسية خوف ورعب يقذفهما الله في قلوبهم نتيجة قوة ارادة المقاومين المجاهدين الشرفاء والشجعان… هذه الارادة تهوّن الموت في عيون المقاوم فيقبل عليه بنفس ابية لا تهاب الموت ولا تخافه، فتنبعث بذلك اشارة خفية الى قلوب المحتلين تملؤها رعبا وخوفا وتشبثا بالحياة… فيضطرون الى الانسحاب مقهورين….

لن تباد الشعوب المقاومة للمحتلين بالسلاح، بل تباد بالفتنة الداخلية التي حذر منها الله تعالى فتضعف العزائم وتنهار الارادة وتذهب ريح المقاومة.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات