رسالة و ريشة و مراسل إداري و حصان

طورت البشرية تكنولوجيا تسمح بإختصار الزمان والمكان والجهد المبذول في التفاعل البشري بشكل مذهل لم يكن العقل البشرية ليتصوره قبل خمسين سنة.

إختراع التيلغرام، ومن ثم الهاتف، وصولا إلى الإنترنات، سمحت للعلاقات الاجتماعية بالإمتداد في المجال بطريقة رهيبة. الجغرافي دايفد هارفي والفيلسوف باولو فيريلو، مثلا، جعلوا من إختزال المجال-الزمان خاصية محددة للأزمنة المعاصرة. من ناحية أخرى، المؤسسات الفاعلة ابتدعت تقسيمات مهمة لإدارة العمل داخلها.

بحيث صارت وظائف مثل الكتابة والتدوين والمراسلة من مشمولات مختصين داخل هذه المؤسسات. فوظيفة الكاتب، مثلا، موجودة داخل بلاطات الدول منذ ما قبل الميلاد. علاش هذا؟ في جزء منه، لأنه المسؤولين الكبار المفروض ما يضيعوش وقتهم في الأعمال المكتبية. وقتهم أثمن من كونه يضيعوا ساعة يكتبوا بأيديهم في رسالة إدارية.

مهمة المسؤولين الكبار أنهم يفكروا، يحددوا خطوط العمل الكبرى، ويخليو مجهودات العاملين معهم المتناثرة والمبعثرة تشتغل مع بعضها في تناسق نحو هدف ما. لذلك، صعيب تلقى مدير مؤسسة كبير يكتب في مراسلة إدارية بخط يده. وإلا رئيس يكتب في رسالة بنفسه.

طبعا، الحديث عن التكنولوجيا وإختصارها للزمان والمكان والجهد، وتقسيم العمل الإداري داخل المؤسسة، كله ضرب من العبث في بلادنا. خاصة كيف تشوف رئيسنا نصف ساعة يدلدل في رأسه يكتب في رسالة بريشة ومعمل على مراسل إداري باش يوصلها على حصان لرئيس حكومة. من غير ما نحكيو طبعا على رئيس الحكومة ولد الإدارة العظيمة الي مازالت تتراسل بالفاكس.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات