الإفتتاحيّة : زُرّاعُ ماذا؟ أيّها الأبله!

هناك مثل شعبي تونسي عتيق يقول "الدوام ينقب الرخام".. وهناك مثل آخر، في معنى متّصل، يقول "ما يبقى في الواد كان حجره"..

خطرتْ ببالي هاتين الحكمتين وأنا أفكر فيما ينبغي كتابته لافتتاحية جريدتنا الجديدة، "الزُرّاع".. وهي جريدة رأي إلكترونية..

الجريدة في ذاتها هي عنوان، أو بالأحرى وعاء جديد لتجربة قديمة، تواصلت منذ سنوات.. تجربة فتية جمعتهم رابطة القلم والجمال ورابطة المبادئ والقيم النبيلة ورابطة النضال من أجل حريّة الانسان وكرامته..

الكلّ يعلم أنّ الطريق الذي سلكه هؤلاء الفتية وعر، مفروش بالأشواك ومحفوف بالأخاديد المستعرة..

الكلّ يعلم أيضا بأنّ للكلمة الحرّة وللرأي المستقلّ ثمن باهض .. وأي ثمن!

الكلّ يعلم بأنّ الحُصّادَ كَثْرة، وبأنّ الزُرّاعَ قلّة.. وبين أولئك وهؤلاء تقف فئة متربّصة بالزَّرْع، لا تترك وسيلة إلاّ واستعملتها قصد إتلافه وحرقه.. تلك سنّة الحياة..

ولكنّنا نعلم علم اليقين بأنّ البذرة المزروعة بإتقان وإخلاص وحبّ وأمل تؤتي أضعاف أضعافها من الثمر الطيّب..

لذلك واصلنا السير والزرع، وسنواصل إن شاء الله، غير آبهين بمحاولات الصدّ والحرق والإتلاف..

قد يقول لنا المرجِفون والمحبِطون:"الناس لم تعد تقرأ.. ولم تعد تحتاج إلى أفكار ونظريات.. الناس تنظر لمن يعطيها طعاما.. زرّاعُ ماذا أيها الأبله؟!.."

هنا نجيب بكلّ بساطة بما نؤمن به دوما، نحن نزرع لنجني.. فإنْ لم نجنِ نحن فسيجني غيرنا ممّن نحبّ.. ألم يقلْ محمّد صلّى الله عليه وسلّم:

" إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَلْيَغْرِسْهَا "؟

سنزرع..

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات