
لا يختلف شخصان ان ايقاف شفيق جراية وياسين الشنوفي (وبعض الاسماء الاخرى ان صح خبر إيقافها) يعتبر تحولا نوعيا باعتباره الاول المتعلق بالحيتان الكبيرة التي حرض عليها مناهضو للفساد كما انه لا يختلف عاقلان ان صندوق النقد الدولي معني بمكافحة الفساد ويربط تسليم القروض بإجراءات عملية وجدية لمكافحته (لأسباب ليس هناك متسع لتناولها بالتفصيل) .
نضيف الى ذلك ان المهمة رقم 1 التي نذر الشاهد لها فريقه الوزاري في سبتمبر الماضي هي مكافحة الفساد الى جانب شهادة عماد الطرابلسي والاحتجاجات الملحمية لشباب تطاوين وتقرير المنظمة الدولية للشفافية و الاجماع حول ضرورة التصدي لتبييض الفساد الذي نجحت فيه حملة #مانيش_مسامح على مر سنتين في ثلاثة جولات لم يبق امام الائتلاف الحاكم من بد سوى تقديم تنازلات لامتصاص السخط الشعبي .
فكان ما حصل بالأمس من ايقافات وان كان الظاهر انها بأمر حكومي (بما يمثله من مركبات اقتصادية-أمنية-اعلامية( ارتكازا على صلاحيات وزير الداخلية في ظل قانون الطوارئ وليست بأمر قضائي حسب ما أكده الناطق الرسمي بإسم القطب القضائي والنيابة العمومية (يعني من الوارد ان يكون وضع شفيق جراية وياسين الشنوفي تحت الاقامة الجبرية حماية لهما وليس حماية للامن العام منهما) وهنا يطرح التساؤل لماذا شفيق جراية والشنوفي بالذات وليس غيرهما ؟؟هل هما او من تتردد اسمائهم انهم على قائمة الايقافات هم الاكثر اجراما في حق الشعب؟
الواضح ان الاعتقالات طالت من هم وافدون جدد على عالم المال والأعمال و الي بالتعبير الشعبي عروقهم موش في الماء ( الجراية مهما علا شأنه وتميز في دريساج الكلاب طلع وإلا هبط براوطي صفاقسي لا والي ولا تالي ونفس الامر مع الشنوفي ديواني جربوع وجهو ازرق متريز دروا ومن الحي الشعبي مونوم لا تشفع له شركاته في دبي ولا لقب مترشح سابق للرئاسيات) استغلوا فترة صعود الطرابلسية (الي بدورهم دمهم موش ازرق وعروقهم موش في الماء) على خلاف العائلات المافيوزية (البلدية والساحلية( التي نشأت وترعرعت مع الدولة الوطنية كبرجوازية طفيلية قد تغفر كل شيئ لبن علي إلا مسالة الطرابلسية و ما قاموا به من فسح مجال لأتباعهم من اللصوص الصغار.
ولذلك يعتبر هذا اللوبي من اكبر المنتفعين مما حصل منذ 17 ديسمبرلغلق قوسي الكابوس الذي عاشوه طيلة عقدين وللمسك من جديد بزمام المبادرة بتطويع المناخ الليبرالي لمصلحتهم والتخلص شيئا فشيئا من البارونات الدخيلة ( كل هذه العائلات انتفعت من الدولة في فترة الستينات و كان لها نصيب الاسد في عملية الخصخصة في الثمانينات وممكن الاطلاع على الدولة والتنمية في المغرب العربي للاستاذ عبد اللطيف الهرماسي) خاصة ان هذه العائلات استحوذت على كل مفاصل الاقتصاد فعائلة ادريس لها سدنة القطاع السياحي وعائلة اللطيف لها سدنة القطاع العقاري والمقاولات ولعائلة المبروك سدنة القطاع التجاري والاتصالات ولعائلة المدب سدنة قطاع الالبان ولعائلة بوصبيع سدنة المشروبات الغازية والكحولية ولا تتردد هذه العائلات في التنكيل بأي مستثمر تخول له نفسه الاقتراب من وكالاتهم الحصرية دون التنسيق معهم مستغلين نفوذهم السياسي ويمكن الاطلاع على تقرير لجريدة l'audace تحت عنوان العائلات التي تنهب تونس )مثل ما حصل مع القبي في قطاع العقارات و شركة لينو في الالبان ....)
وكل هذه العائلات وردت اسمائها في القائمة الاسمية للمنتفعين بقروض ذات ارقام فلكية دون ضمانات من البنوك العمومية والتي تحمل مسؤولية افلاسها دافعو الضرائب دون ان يتجرأ اي من الاعلاميين او السياسين للتطرق لملفاتهم لتطال حملات الشيطنة فقط الفاسدين الخارجين عن المحفل الماسوني البلدي-الساحلي المنتمين للداخل المحتل وحتى المحاولة الوحيدة لإيقاف كمال اللطيف لازال شبحها مخيما عندما رفضت احد الاجهزة الامنية تطبيق قرار قاضي التحقيق بمحكمة تونس 1 ومرت الكارثة دون نقاش محيطا بنفسه بهالة شبيه بالبيق براذر في 20 نات القرن الماضي في الولايات المتحدة .
و ان كان كل الاسماء الواردة في النص اعلاه هي لمجرمين اقتصاديين تلاعبوا بأقدار البلاد والعباد والصراع بينهم (على خطورته ان تطور مستقبلا خارج أطر الدولة) يجب ان تحسن القوى المواطنية والتقدمية استغلاله لتقليم اظافرهم تمهيدا لردعهم وإجبارهم على الامتثال للقانون كأدنى سياسي مواطني يمكن ان يشترك فيه عديد القوى السياسية.