احترام الأمنيين

Photo

الأمنيّون غاضبون لأنّ أفرادا من الشّعب التّونسي يصدر منهم بحقّهم ما يفيد عدم الاحترام ممّا يؤثّر على معنويّاتهم وأدائهم لمهامهم في حماية أفراد الشّعب التّونسي لذلك يطالبون بقانون يحميهم من ايّ شكل من أشكال التّعبير يفهم منه عدم الاحترام لمقامهم والإساءة لهم سواء من خلال العبارة أو الإشارة ...

دون الخوض في التّعليق على ما نشر وينشر على الفضاء الافتراضي ولكثير من الأمنيين فيه نصيب لا يصدّق من العنف اللفظي والبذاءة والتنمّر على المواطنين، بما يجعل ما يكتب مقابل ذلك من طرف عدد مواطنين غير قابل للقياس ...

بعيدا عن ذلك ما يجب أن يفهمه الأمنيّون أنّ احترام شعب لمؤسّسته الأمنيّة ومنظوريها لا تفرضه القوانين الزّجريّة والعقوبات التي تصدرها المحاكم، يحتاج الأمنيّون أن يجلسوا مع علماء الاجتماع وعلماء النّفس والحقوقيين في هذا البلد ليفهموا لماذا يستبطن فئات من الشّعب التّونسي مشاعر مشحونة تجاههم،

داخل هذه المؤسّسة شرفاء وعقلاء واستراتيجيّون ربّما يفهمون قيمة هذا الطّرح ودوره في إحداث نقلة نوعيّة تمكّن من مصالحة هذه المؤسّسة بمختلف أسلاكها مع أفراد شعبها وذاكرته المثقلة بتجاوزات منظوري هذه المؤسّسة وانتهاكاتهم للحقوق والحرمات التي وصلت حدّ الاغتصاب والقتل تحت التّعذيب وإخفاء الجثث والقنص في الطّريق العامّ ... وهي قضايا لا تزال محلّ تداول أمام القضاء في المحاكم العاديّة والدّوائر المتخصّصة للعدالة الانتقاليّة.

كان يفترض أنّ الأمنيّ الذي يهب حياته في سبيل حماية أمن البلد وأفراد شعبه ويسقط منه الشّهداء في معركة الإرهاب قد وصل مستوى متقدّما من الوعي والشّفافيّة تمكّنه من تجاوز خيار المغالبة مع أفراد الشّعب والترفّع عن الغرائزيّة والاستقواء على المواطنين واستغلال هشاشة مسار الانتقال الدّيمقراطي لفرض إجراءات وتراتيب حمائيّة استثنائيّة توسّع بشكل ضمني من سطوتهم على المواطنين بشكل يجعلهم فوق المراقبة والمحاسبة والنّقد.

خيار فرض الاحترام بأسلوب المغالبة والاستقواء والقهر حتّى لو كان تحت غطاء تمرير القوانين لن يصنع احتراما بل سيعمّق الهوّة بين الأمنيين وعموم أفراد الشّعب ويولّد حالة احتقان ستتحوّل عبر الأيّام إلى ثورة جديدة بنفس عناوين الكرامة، عندها سيجد الأمنيّون أنفسهم في مواجهة شعبهم ولن يجدوا غطاء لدى التراتبيّة الإداريّة حتّى لو نصّصوا عليه قانونيّا للتفصّي من المسؤوليّة.

أخيرا ما أتته Myriam Bribri كردّ فعل أمام بشاعة مشهد أمنيّ يعنّف مواطنه هو أبسط ردّ فعل يمكن أن يصدر عن أيّ مواطن بسيط يستعيد مع كلّ مشهد من هذا القبيل شريط الانتهاكات القديم بكلّ صوره المأساويّة التي لم تتحرّر منه الذّاكرة الوطنيّة والضّمير الجمعي.

العبارة التي استعملتها Myriam Bribri كتعليق مصاحب لذلك الفيديو هي عبارة رقيقة مقابل معجم العنف اللفظي التي وصل حدّ التهديد والتوعّد بالتعذيب والقتل على صفحات رسميّة لمنظوري المؤسّسة الأمنيّة ... هذه المناخات المشحونة لا تخدم السّلم الأهلي ولا توفّر للأمنيين احتراما ...

المواطنون الذين احتشدوا نساء ورجالا شيبا وشبابا جنبا إلى جنب مع الأمنيين وهم عزّل في مواجهة عصابات الإرهاب في واقعة بن قردان غير عابئين برصاص الإرهاب هم أنفسهم الذين يعبّرون عن غضبهم تجاه تجاوزات الأمنيّين وإصرارهم على استثناء أنفسهم دون بقيّة المؤسّسات والقطاعات بقانون يحميهم من مواطنيهم ...

صورتان متقبلتان لنفس الشّعب ونفس المواطنين على الأمنيين بنقاباتهم وأسلاكهم وكوادرهم التقاطها لحماية هذه المؤسّسة الوطنيّة من نزعات الانعزاليّة والقطاعية والانحراف عن المسار الوطني.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات