نجونا في الموجة الأولى فهل ننجو من الثانية؟

Photo

الفيروس يزحف والعدوى تنتشر وعدد المصابين يتضاعف.. يبدو أنّنا نسرع باتّجاه الذروة.. وأيّ ذروة؟ هل سيكون لنا ذروة إن نحن وقعنا تحت وطأة الفيروس وأسلمنا له النفوس؟

ما دامت الدول تسير فنحن نسير خلفها غير عابئين بالنتائج الكارثية التي يمكن أن ننتهيَ إليها.. ويوم أن تقرّر الدول الرائدة قرارا سنُمضي عليه ونَمضي إليه بلا تردّد، وسنصفّق لانتصار البشريّة على الوباء…

وحتّى في أمر اللقاح نرضى بمقام العالة، نعوّل على تلك الدول ونكتفي بالترقّب والانتظار.. مراكز بحثها ومختبراتها تصل النهار بالليل لإنقاذ البشرية من فيروس مخاتل لا يبدو أنّ له مفاتيح يهتدي إليها البشر فيظل رغم تحديد هويته وضبط وجهته لغزا محيّرا يقف منه البشر مواقف شتّى تصل إلى حدّ التشكيك في وجوده أصلًا.. ويوم أن يوجد اللقاح سننتظره بفارغ الصبر وسنتزاحم عليه.. وسنرخي عضلاتنا لتلقّيه ونحمد الله خلق الداء وأرسل لنا الدواء.

الدول المتقدّمة أعدّت للأمر عدّته وضاعفت من صيانة مرافقها الصحّيّة، وما كان من اضطرابها عند موجة الوباء الأولى انتهى إلى معادلات واضحة وخطط محكَمة.. ورغم عدم الوصول إلى لقاح يخلّص البشريّة من هذه الجائحة المعولمة فإن تلك الدول قد أخذت حذرها ورتّبت أمورها واستأنفت أنشطتها المختلفة بعد مدّة الحجر الصحّي التي عاشتها مختلِف دول العالم.

أمّا في دولتنا الموقّرة، التي كانت من أفضل دول العالم توقيا من استفحال الوباء، عند موجته الأولى، فقد انتهى الأمر بها إلى حالة من التسليم مريبة.. تُركت المدن لشأنها بلا مُرافَقة من الدولة ولا مَرَافِق تساعدها على تدبير أمورها.. وانتشر الوباء بين الطواقم الطبية التي باتت عاجزة عن المقاومة، ودخلنا مرحلة من الانتظار المملّ الغريب.. التحفنا بجبريتنا وبقينا ننتظر أن يمدّ إلينا القدَرُ يده ليخلّصنا بنجدته كأنّ السماء لا تعرف ميز مَن يعمرون الأرض ويسعون بالنفع بين الخلق فيها من العالة الذين لا يعمرون الأرض بل يسعون في خرابها…

السماء لا تمدّ يدها إلّا لمن مدّ يده بالعلم والعمل ولمن جعل إنجازه دليلا عليه ومصعدا إليها... تستبدّ بنا الأزمات فنزيد من مراكمتها ونكون لها عَوْنًا علينا كأنّنا لا نفهم أنّ وجودنا جميعا بات مهدَّدًا.. وإلّا فما معنى أن نظلّ في مكاننا نفسه ندور ونجترّ معهود مشاكلنا ومعتاد عراكاتنا والفيروس يفتك بنا لا يفرّق بين أحد منّا…

فيروس كورونا - 19 يزداد في البلاد انتشارا يدعونا إلى أن يكون بعضُنا لبعض سندًا وظهيرا ولكنّنا نصرّ على الهروب إلى الأمام لا نعبأ به ونمارس عاداتنا... نجترّ هراشًا لا يفيد بتنا لا نحسن فعلا سواه…

فكيف سنأمن من الوباء؟ هل نستحقّ السلامة منه؟ وما الذي سنصنعه بها؟

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات