عشية لقاء القمة.. اللعب العشوائي ام الفرجة المضمونة؟!

Photo

ثلاثة أصفار ممتازة حققتها تونس، ما يجعلنا نتحرّك نحو تحقيق الاستثناء الثّاني، الاستثناء الأوّل بالتأكيد هي معركة الثّورة التي نمارس فيها الانتصار، أمّا الثّاني فمعركة كورونا المتجدّد التي نتقدّم فيها نحو الانتصار.. في كلّ الحالات جلّ التونسيّين يعيشون نشوة الربح منذ ذاك التاريخ! ابّان ديسمّبر 2010 إلى هنا حيث ما زلنا نصارع خلافاتنا ونراكم إنجازاتنا، وليس من إنجاز أصعب وأبلغ من إبقاء التجربة على السكّة، تحت كلّ ذلك القصف، كلّ ذلك الحقد الذي أسقط بقيّة الثّورات بعد نشأتها الأولى بأشهر، وما زال حقدهم يتجرّع الفشل مع ثورة تلقّت كمّا هائلا من الضّربات لكنّها تأبى السّقوط.

ثلاثة أصفار تحقّقت وما زلنا نطمح الى ونطمع في المزيد من الأصّفار، لا بل أخذنا الأمل أبعد من ذلك إلى حيث ساعة الصّفر! اللحظة التي نعلن فيها خلو تونس تماما من الفيروس، فيعود اسمها يتصدّر ويمضي بعيدا في عمق هذا العالم كما تصدّر بُعيد ثورة الحريّة والكرامة..

ثمّ نحْن نحِنّ إلى ساعة صفر أخرى حين نعلن أنّنا تغلّبنا على أنفسنا وتجاوزنا خلافاتنا وانسجمنا مع دستورنا وقوانيننا وتجربتنا، ووجدنا طريقا للتعايش، وصمدنا أمام الحملات الإقليميّة بما فيه الكفاية، بما يخول لنا إعلان النّصر المظفّر، وما يخوّل لهم الاستسلام إلى الهزيمة، حينها سنلهج بعبارات الشّكر والذّكر، حينها سيكون الله قد رَد الذِينَ أجرموا بِغيظهِم، لم ينالوا منّا إلاّ عرضا.

نحن أيضا بصدد ثلاثة رؤساء سيجتمعون، سيأكلون ويشربون، لا بأس، سيلتقطون بعض الصّور، أيضا لا بأس.. لكن البأس كلّ البأس أن يجلس ثنائي القصبة وقرطاج كأبناء الكتاتيب ويشرع المؤدّب في ترتيل تواشيحه ثمّ تأتي صاحبة الإخراج الإعلامي لتمركز كاميراتها وتلتقط الصّور الموجّهة التي سيتم تسويقها، وستوحي بأنّ الثنائي تجاوز حاجز كورونا وشدّ الرّحال إلى القصر ليستمع إلى توجيهات الرئيس، لم يعد في القلب المتسع ليستوعب ذلك المشهد الرثّ، وليس من هديّة يقدّمها لنا الرئيس أفضل من الابتعاد عن تقمّص دور حكواتي الزمن القديم، وتقمّص ضيوف القصر لدور القرية المشتاقة لراوي يحدّثها عن شهرزاد وكيف استنجدت في ساعة الصفر بأنوثتها الماكرة لترويض شهريار.

سيلتقي ثلاثي الحكم في قرطاج، وعليهم أن ينتبهوا حتى لا يقعوا في الخلط! الفرح بصفر حالة كورونا، لا تعني أن الصفر يصلح كخاتمة للحوار المرتقب! لا ليست الأصفار كلّها إيجابيّة، إذا تعلّق الأمر بالوباء فنحن نحتاج إلى تثبيت الأصفار، أمّا في حوار الرؤساء فنحتاج إلى سحق الأصفار، نحتاج إلى الأرقام والإنجاز، نحتاج إلى رئيس يستوعب جيّدا أنّه ذهب إلى قبلّي ليدشّن المستشفى الميدانيّ الذي قدّمه أمير قطر! الذي هو صديق زعيم النّهضة راشد الغنّوشي، والذي هو يحترم الغنّوشي كما يحترم قيس سعيّد، كما احترم الباجي،

كما احترم المرزوقي والجبالي والعريض وجمعة والصيد والشّاهد والفخفاخ.. نحتاج إلى تذكير الرئيس بحتميّة التعامل مع شخصيّات عربيّة تحترم رموز تونس، كلّ رموز تونس! ومثلما أمير قطر يتعامل مع الجميع ويجامل الجميع ويكفّ أذاه عن الجميع بمختلف مشاربهم، نحتاج من قيس أن يجبر "أصدقاءه" على احترام جميع رموز تونس، وأن لا يتلذّذ بمدّ الجسور مع شخصيّات عربيّة تبتسم في وجه قرطاج وتلعن باردو وتحرّض على إسقاط القصبة!

نحتاج إلى رجل دولة وليس إلى رجل منصب، نحتاج إلى من ينظر إلى مؤسّسات الدولة التونسيّة كوحدة واحدة، وليس كالذي قال هذا متاعي فليعش، وذاك متاعك فليذهب إلى الجحيم! نحتاج الى رئيس يتحدث عن مؤسسات الدولة بنبرة متناسقة تبشر ولا تنفر، أبدا لا نحتاج إلى رئيس يكنس أمام قرطاج، يقصّ عشبها ويقلّم أشجارها، ثمّ يرمي الفضلات في بهو المجلس التشريعي!

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات