منع السياحة الحزبية: المبادرة التي تخفي الفوضى السياسة

Photo

مبادرة تشريعية لمنع السياحة الحزبية. جميل. لكن هذه الظاهرة لا تشمل الا "حالات" تحاول التنظم تحت مسمى حزب وهي تفتقد الى اول عنصر أساسي مكون لاي حزب وهو التنظم المستمر. هذه الحالات هو تجمع لأفراد جمعتهم مصلحة وحيدة هي حشد الناخبين للتصويت لقائماتها دون ان تكون لها رؤى مشتركة وافكار فرضت ان يتنظموا ليدافعوا عنها وفق منهج ديمقراطي.

ظاهرة السياحة الحزبية مصدرها غياب التنظيم الحزبي المستمر الذي يعمل لسنوات قصد الوصول الى السلطة وايضا تراجع مبدأ الالتزام الحزبي في بعض الاحزاب اذ ان "تكوين حزب "والاعلان عنه غالبا ما يكون في سنة الانتخابات وينبني على فكرة "التصدي لخطر موهوم" يتحشد له الاعلام وبعض "الكرونيكورات" مهولين من الخطر داعين الى انقاذ الدولة من هذا الطرف او ذاك وبين ليلة وضحاها يصبح له مكانة وحظوة اعلامية... فيكون صعود بعض رموزهم مدعاة ليتقدم هذا "الحزب" بقائمات في كل الدوائر الانتخابية.

وبحكم العمر الزمني القصير وعدم وجود قاعدة حزبية صلبة يلتف حوله افراد وذواتات راغبة بشدة في الوصول الى البرلمان ثم تتتشكل القائمات ليس من افراد حزبيين منضبطين الى مؤسسة حزبية بل "ملتحقين" راغبين في مكسب آني مستغلين انخفاض الحاصل الانتخابي المؤهل لتصعيد نائب او مراهنين على أفضل البواقي وعلى فرض ان هذه المبادرة مرت فإننا سنجد أنفسنا امام مشكلتين عويصتين:

الاولى: مدى مطابقة المشهد الجديد لرغبة الناخب خاصة إذا تعددت حالات الخروج والتعويض فكلنا يعلم ان سلوك الناخب تحكمه عوامل عدة جغرافية اجتماعية اقتصادية علائقية قبلية...وان اغلب التصويت يتم على اساس رأس القائمة ومن تلاه وفي اقصى الحالات يؤخذ الثالث بعين الاعتبار فان بقية اعضاء القائمة وهم عادة من الذين يتم اختيارهم بمنطق "سد الفراغات" واكمال القائمة في هذه الحالة هل يكون القادم الجديد المعوض للسائح الحزبي معبرا عن ارادة الناخبين فعلا؟؟

الثانية: وهي تتعلق بالظاهرة الحزبية في حد ذاتها فهي بحكم ازدوتجيتها كظاهرة سياسية و قانونية قد تخلق نوعا من الاستبداد الحزبي يضرب مصداقية النائب و يجعله رهين قرارات الحزب حتى و ان كان رافضا لها او رأى فيها خروجا عن العقد الذي من اجله التحق بهذا الحزب او ذاك بل لعلنا هنا نضيف الى مهام نائب الشعب المنصوص عليها قانونا "التشريع/لرقابة / التواصل مع المواطنين" مهمة اخرى وهي تنفيذ قرارات الحزب ايا كانت السؤال الذي يجب طرحه في هذه الظروف هل تنهي مبادرة منع السياحة الحزبية حالة التخبط السياسي للأحزاب في تعاطيها مع اللحظة السياسية خاصة على مستوى ما تطرحه من أفكار و رؤى تعد بها المواطن في الحملة الانتخابية ثم تلقي بها عند اول حاوية امام البرلمان بعد تحقيق هدف الوصول الى المقعد النيابي؟

الواضح ان بعض الاحزاب استنادا الى تركيبتها ونوعها (أحزاب العقيدة/ احزاب البرنامج) لم تشهد هذه الظاهرة وحتى خروج نائب من الكتلة الحزبية البرلمانية لا يعني التحاقه بحزب آخر. فقط هذه الظاهرة تتصل بأحزاب ﻟﻴﺱ ﻟﻬﺎ ﻋﻘﻴﺩﺓ ﻤﺤـﺩﺩﺓ ﻭ ﻻ ﺘﻤﺘـﺎﺯ ﺒﻤﻭﺍﻗﻑ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺜﺎﺒﺘﺔ ﺒل انها ﺘﺘﻐﻴﺭ ﺤﺴﺏ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁﺔ ﺒﻬﺎ ﻭ ﺤﺴﺏ ﺇﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻘﻴـﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﻴﻁﺭﺓ ﻋﻠﻴﻬﺎ وافتقادها الى ﻋﻘﻴﺩﺓ ﺠﺎﻤﺩﺓ جعلها تشهد هذا التشظي والانفلاق.

ومادامت نبتا ينمو ويزهر في غير موضعه ودون أوان فان الظاهرة لن تتوقف بل قد تجد لها تصريفات أخرى ولن يعجز القانونيون عن ايجاد المخرج لذلك والاحرى ان تكون المبادرة متصلة بالحزب في حد ذاته فلا يمكن السماح لحزب لم يمر على عمره سنوات معينة على الاقل عقد مؤتمره الاول بعد سنتين من مؤتمره التأسيسي لا يمكن السماح له بالمشاركة في الانتخابات التشريعية وهذه فترة كافية لكل حزب حتى يكون له كوادر قادرة ملتزمة لا تهتز امام الاغراءات. فلو كان للسائح الحزبي عقيدة حزبية وانضباط حزبي ما كان ليفكر في السياحة.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات