شدّوا دياركم ... كورونا لا تظلم أحد…

Photo

كورونا وتحقيق العدالة في عالم غير متكافئة فرص الحياة فيه... وأنا أتأمّل ما خلّفته كورونا على مستوى العالم.... وما أحدثته من خوف وهلع وموت.

أتذكّر حرب الجزائر والمليون شهيد وحرب الجلاء ببنزرت ومئات الشهداء.... وأتذكّر أبناء غزة المردومين تحت الأنقاض وأبناء العراق وأفغانستان وقبلهم ضحايا هيروشيما وحرب الفتنام... وضحايا الميز العنصري بإفريقيا الجنوبية... اتذكّر الأحزمة الناسفة التي اخترعها الدواعش وما سببته من خوف وموت. أتذكّر أطفال أثيوبيا وهم يموتون جوعاً وعطشاً وأطفال الصومال وهم يموتون بسبب نقص الأدوية وتلوث المياه بالباكتيريا…

قبل كورونا…

كان نصف العالم يعيش تجربة الموت بشكل يومي ونصفه يصنع الموت ويصدّر الرعب. ويقوم باختبار قوته على الشعوب المضطهدة.... شعوب مضطهدة تُستعمل أرواحها وأجسادها للتفاوض وتوزيع موازين القوة....

وسائل الإعلام كانت مُلتزمة الصمت... والخبراء يتفرّجون والعلماء صامتون.

واليوم....

كورونا ساوت بين شعوب العالم في تجربة الموت ... ساوت بين شمال الأرض وجنوبها. كورونا جعلت عظماء العالم يفهمون معنى أن يكون زرّ القنبلة الذرية تحت أصابع "مجنون" ومعنى تصويتهم على قرار فرض الحصار ودفعهم بمئات آلاف البشر نحو الهاوية…

زعماء العالم يعيشون تجربة قاسية ... هم يتفرّجون على شعوبهم وهي تموت بسبب خياراتهم ولا يستطيعون فعل أي شيء. هم يتخذون قرارات موجعة بترك جزء من أبناء جلدتهم يُواجهون الموت لأنهم عاجزون وغير قادرون....

كورونا استثنت الأطفال وكانت أرحم بهم من الكيان الصهيوني ومن جورج بوش الإبن... كورونا أجمل من وجه ترامب وأقلّ عُنفا من المارينز وأكثر شفقة على الأطفال من دواعش البراميل المتفجرة... كورونا ذكية جدّا ولن تترك الأرض دون "قابيل" و"هابيل".

كورونا الجميلة... لن ترحل إلاّ بعد أن تُعلّم العالم درس "الإنسانية". تُعلّم قابيل كيف يواري سوأة أخيه... سوف يكون هناك إبراهيم وإسماعيل وسارة يُعيدون اكتشاف القبلة ويحفرون في الصحراء آبار زمزم.... فتشرب البشرية ويتجدّد "الدين".

يبعث الله كلّ مائة عام من يُجدّد للناس دينهم... الدين ليس صلاة وصيام وقيام وتعدد زوجات وحجّ وعمرة ورفع الآذان ودروس في التلافز ولحي طويلة وأقمصة بيضاء وصوامع ودير وكنائس .... لا لا ... الدين هو "الإستخلاف" و"الأمانة".

الدين هو قيم إدارة الأرض وتعميرها بقيم "العيش المشترك" و"التسامح"... درس كورونا سيكون قاسيا جدّا.... ستفقد الأرض قطبيها وسيتقلّص وزنها وتتخفف من حملها لكنها ستبقى تدور حول نفسها.

شدّوا دياركم ... كورونا لا تظلم أحد.

كورونا لا تُهاجمنا دون استئذان ولا تغتصب فضاءاتنا ولا تُرسل قنابلها على رؤوسنا.... نحن من يذهب إليها.

لا تظلِموا حتى لا تُظلموا....

من المضحكات المبكيات أن في مثل هذه السياقات هناك من يُناقش "شكون يحلب وشكون يشدّ المحلب"....

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات