الحرب في ليبيا والوضع في الجزائر والأزمة في تونس: ناقوس خطر على أبواب2020!

Photo

بعد 'نهاية ' الحرب في سوريا و على خلفية اكتشاف احتياطي غاز إستثنائي في شرق المتوسّط،الخ.، تسارعت الأحداث في ليبيا وتصاعدت وتيرة الإصطفاف الدّولي بهدف حسم الأمور عسكريّا بين محور يسند حفتر في بنغازي و محور يسند السرّاج في طرابلس ممّا ستكون له نتائجه الكبرى في المغرب العربي و تونس قبل كلّ شيء خاصّة إذا تورّطت القوى السياسية التونسية الحاكمة و المعارضة المتعايشة سلميّا الآن في الحرب اللّيبيّة وحسب ما سيحدث في الجزائر - القوة النفطية و الغازيّة و العسكرية الكبرى في المغرب - و التي قد تعرف انتخابات تشريعية قريبا وقد تحدث فيها مفاجئات.

بشكل عامّ، هنالك احتمالات قصوى للجولة المقبلة من الحرب الليبية يمكن تلخيصها في ما يلي بعد ربطها باحتمالات تطوّر الوضع في الجزائر لرؤية احتمالات انعكاساتها على تونس:

1ـ انتصار حفتر و من يسنده اقليميّا و دوليّا واصطفاف الجزائر معه على قاعدة معارضة التدخل التركي ـ القطري و معارضة الإسلام السياسي الموالي لهما سيكون لهما انعكاس كبير على تونس وخاصّة على الإسلام السياسي فيها. نحن نعرف انعكاسات وصول السيسي إلى السلطة في مصر على تونس فكيف بوصوله هو وحفتر إلى ذهيبة وراس جدير واصطفاف الجزائر معهما على الحدود الغربيّة.

2 ـ انتصار حفتر و لكن احتمال تقدّم الإسلام السياسي في انتخابات تشريعية قادمة في الجزائر سيحوّل تونس وإسلامييها إلى رأس حربة ضدّ ليبيا حفتر وحلفائها وضدّ معارضي الاسلام السياسي في تونس بدفع جزائري وقطري ـ تركي في نفس الوقت. نحن نعرف ما سعى إليه الإسلاميّون في الجزائر في التسعينات وفي مصر مرسي وبسوريا الأسد بعد ما فعلوه بليبيا القذّافي.

3 ـ انتصار السرّاج و من يسانده اقليميا و دوليّا في ليبيا وعدم اصطفاف الجزائر معه سيكون بداية احتمال تطوّر ضغط جزائري وازن ضدّ الإسلام السياسي في تونس و ذلك بمساعدة معارضي الاسلام السياسي التونسي منعا لانتشار العدوى إليها من الشرق التونسي واللّيبي. الجزائر في هذه الحالة تعرف أنّ خاصرتها التونسية هي الأضعف بسبب الخصوصية الجغرافية والبشرية للحدود التونسية -الجزائرية (والتي لا تتفوق عليها الا الحدود المغربية -الجزائرية الهادئة حاليّا) مقارنة بالحدود مع ليبيا وبلدان جنوب الصحراء التي يمكن للطيران الجزائري لوحده أن يحيّدها بسبب طبيعة الأرض (طوبوغرافيّا وعمرانيّا).

4ـ انتصار السرّاج و تقدّم الإسلام السياسي في الجزائر سيؤدّي الى سعيهما الى مساندة الاسلاميين في تونس - كحلقة أرضيّة وسطى بين الحليفين الجزائر وليبيا - عبر ضغط جزائري و ليبي مشترك ووازن وحاسم وسريع ضدّ معارضي الإسلام السياسي في تونس منعا لانفلاتها ولتدخّل أطراف دولية أخرى وازنة فيها من دول الاقليم و من العالم.

وإذا عرفنا كون تونس ليس لها ما تنافس به الجزائر وليبيا على مستوى الثروات النفطية والغازية التي يمكن بها كسب التّحالفات الدولية حتّى مع العدوّ ومع من لهم مصالح كبيرة حالية في تونس (كفرنسا مثلا) بل ولها تجربة ديمقراطية لم يعد هنالك من يتحمّس لها في أهمّ دول الآقليم والعالم الوازنة، فانّ ذلك قد يجعل تونس - وحتّى في حسابات من سيبقى يراهن عليها - مجرّد موضوع نزاع جيو-استراتيجي لها في المستقبل المنظور وظيفة عسكريّة ضدّ جاريها لا غير.

كما نرى، انّ كلّ الاحتمالات القصوى - وهي التي يجب التفكير فيها استراتيجيا قبل غيرها - قد تؤدّي ليس فقط الى نهاية تجربة التّعايش السلمي والإنتقال الديمقراطي في تونس بل والى ما هو أخطر بكثير على تونس وبتكاليف على كلّ المستويات لن يعلم بحجمها أحد الآن. وطبعا هنالك احتمالات وسطى بين الاحتمالات الأربعة المذكورة أعلاه وهي أقلّ خطورة ولكنّها، ان لم يحصّن السياسيون التونسيون بلدهم بأنفسهم، ستبقى رهينة موازين القوى الاقليمية والدولية لا غير.

السّؤال الأهم الذي يجب طرحه الآن اذن هو:

كيف يحصّن التونسيّون بلدهم في هذه الوضعية المتأزّمة في الدّاخل والخارج والتي قد تتأزّم أكثر خاصّة لو انفجرت الأمور في الجزائر كما يريد الكثير من أعدائها الاقليميين والعالميين؟

توجد اجابة وطنيّة واحدة ووحيدة

كتلة تاريخية وطنية وديمقراطية - اجتماعية بين كلّ الوطنيين التونسيين بقطع النظرعن مواقعهم (في بعض مواقع السلطة أو بعض مواقع المعارضة) وعن اختلافاتهم الايديولوجية (ليبيراليين و اسلاميين و قوميين و يساريين و نقابيين و مستقلّين...) تبدأ بإعلان عدم الانخراط في أي اصطفاف أو تحالف اقليمي و/أو دولي في ليبيا أو في غيرها ومراجعة ما ارتكب من خطايا في المنطقة (الموقف من اليمن و من سوريا خاصّة) و تنكبّ على انقاذ البلاد المباشر - انقاذا وطنيّا واجتماعيّا وديمقراطيّا - من الأزمات المركّبة التي تمرّ بها و خاصّة من الأزمتين السياسية والماليّة اللتين تهدّدان بمزيد جرّ البلد السّلبي نحوالتبعيّة للخارج و مزيد جرّها نحو الانسحاق في قاع القاع .

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات